سياسة

مع تعثر التوصل إلى هدنة.. المزيد من القتلى في غزة


 قتل العشرات في قصف استهدف مختلف أنحاء قطاع غزة ليل السبت الأحد، بعدما أكدت حركة حماس أنها ستحتاج مزيدا من الوقت لدراسة مقترح يهدف لإيقاف حربها مع إسرائيل.

وتأتي هذه التطورات في سياق ضغوط عسكرية تمارسها إسرائيل على حركة حماس لتسريع الإفراج عن رهائنها، بينما تواجه الحكومة اليمينية الائتلافية بقيادة بنيامين نتنياهو ضغوطا شديدة في الداخل الإسرائيلي بسبب هذا الملف خاصة مع مقتل عدد من الرهائن في قصف غزة.

وأثار فشل الحكومة الإسرائيلية في ضمان الإفراج عن الرهائن والإخفاقات الأمنية التي سمحت أساسا بوقوع هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول انتقادات حادة لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وشارك المئات في تظاهرات في تل أبيب ليل السبت للدعوة إلى انتخابات مبكرة والتحرّك لإطلاق سراح بقية الرهائن. كما نُظّمت تظاهرات في مدينة حيفا وقرب مقر إقامة نتنياهو في القدس.

وفي تل أبيب قال المتظاهر ميخال هاداس إن إطالة أمد النزاع لا تصب إلا في مصلحة مسؤولي الحكومة “لأنه طالما أن الحرب متواصلة فلن تجري انتخابات”. وخلال تجمّع لعائلات الرهائن، دعت كارميت بالتي كاتزير، شقيقة الرهينة إيلاد كاتزير، إلى تحرّك أسرع.

وقالت “كل ثانية لا يتم فيها التوصل إلى اتفاق، يرتفع الثمن ويرتفع عدد الرهائن الذين لن يعودوا وهم على قيد الحياة ويرتفع عدد الجنود الذين يخاطرون بحياتهم في غياب أي خطة واضحة”.

وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس في غزة صباح الأحد مقتل 92 شخصا على الأقل خلال الليل في قصف إسرائيلي ذكر المكتب الإعلامي التابع للحركة أن أهدافه شملت روضة تؤوي نازحين في رفح.

وتفاقمت المخاوف في الأيام الأخيرة من توغل إسرائيلي محتمل في مدينة رفح الجنوبية التي تؤوي مئات آلاف النازحين الفارين من المعارك.

وتوجّه كثيرون إلى المدينة التي قيل لهم إنها تعد منطقة آمنة قادمين من مناطق شهدت قتالا أعنف لكن القصف تواصل على رفح حيث تجمّع معزّون خارج مستشفى السبت للصلاة على أشخاص قتلوا في سلسلة ضربات أخرى.

قصف لا يهدأ على غزة برا وجوا
قصف لا يهدأ على غزة برا وجوا

وقال أحمد بسام الجمال “كان أطفالي نائمين وفجأة بدأ القصف. انهارت غرفة النوم عليهم. أخذ الله أحد أطفالي ونجا ثلاثة من الموت. بات ابني شهيدا في الجنة”.

وتستضيف المدينة التي كانت تعد 200 ألف نسمة قبل الحرب أكثر من نصف سكان غزة حاليًا، وفق الأمم المتحدة.

وأعرب المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ينس لايركه عن قلقه العميق من انفجار الوضع في ظل تفاقم “اليأس” في رفح.

وحذّر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الخميس من أن الجيش الذي بدأ عمليته العسكرية في شمال القطاع وتقدّم تدريجيا نحو الجنوب سيصل إلى رفح أيضا.

ويحاول النازحون الذين فروا إلى رفح على الحدود مع مصر، تجنب أجزاء من المدينة طالها القتال الدائر في خان يونس القريبة.

وقال النازح محمود أبوالشعر “نتمنى أن تنتهي هذه الحرب لأننا تعبنا، نطالب كل السياسيين بأن يتفقوا على وقف لإطلاق النار كي نرجع إلى بيوتنا”.

ويضغط الوسطاء الدوليون على الطرفين للقبول بمقترح هدنة طُرح الأسبوع الماضي في باريس، لكن القيادي في حماس أسامة حمدان لفت السبت إلى أن المقترح يفتقر لبعض التفاصيل.

وقال من بيروت إن حماس تحتاج مزيدا من الوقت لدراسة الصفقة حتى “نعلن موقفنا تجاهها مع التركيز على أن موقفنا سيكون مستندا إلى تقديرنا لمصالح شعبنا وحرصنا على وقف العدوان عليه بأسرع وقت”.

ومن المقرر أن يقوم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بخامس زيارة أزمة إلى الشرق الأوسط في الأيام المقبلة لإقناع الأطراف المعنية بمقترح الهدنة، وفق ما أعلنت الخارجية الأميركية، بينما سيمر وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في المنطقة أيضا، وفق ناطق باسمه.

وأوضح مصدر في حماس أن المقترح ينص على هدنة مبدئية مدتها ستة أسابيع من شأنها أن تشهد إدخال مساعدات إلى غزة وتبادل بعض الرهائن الإسرائيليين مع أسرى فلسطينيين.

من جانبه قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماسإسماعيل هنية في بيان إنه أجرى مشاورات مع الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة “بشأن المبادرات لإنهاء العدوان على غزة”.

وأورد البيان أن “دراسة المقترح الجديد لوقف إطلاق النار ترتكز على أساس أن تفضي أي مفاوضات إلى إنهاء العدوان كليًّا وانسحاب جيش الاحتلال إلى خارج القطاع ورفع الحصار والإعمار وإدخال كافة متطلبات الحياة لشعبنا وإنجاز صفقة تبادل متكاملة”.

ويأتي ذلك بينما تقوم القوات الإسرائيلية بتدمير ممنهج للمباني في غزة في مسعى لإقامة منطقة عازلة داخل القطاع الفلسطيني، ما يثير مخاوف بشأن التكلفة المدنية.

ويبدو أن الخطة، التي لم تؤكدها إسرائيل علنا تقضي بالاستيلاء على جزء كبير من الأراضي في قطاع غزة الصغير بالفعل، وهو أمر حذر منه الخبراء وحلفاء إسرائيل الأجانب.

وقال عدي بن نون، الأستاذ في الجامعة العبرية في القدس الذي يجري تحليلا مستمرا لما تلتقطه الاقمار الصناعية، إنه منذ أن اقتحم مسلحو حماس الحدود في 7 تشرين الأول/اكتوبر، قامت القوات الإسرائيلية باستهداف المباني الواقعة على بعد كيلومتر واحد من الحدود في غزة. وأوضح أن أكثر من 30 بالمئة من مجمل المباني في المنطقة تضررت أو دمرت خلال الحرب.

والشهر الماضي، قتل 21 جنديا من قوات الاحتياط في غزة خلال “عملية دفاعية في المنطقة الواقعة بين البلدات الإسرائيلية وغزة”، بحسب ما أعلن رئيس الأركان هرتسي هاليفي للسماح “بالعودة الآمنة” للسكان. وصرح الجيش في حينه إن القوات زرعت متفجرات لتفجير المباني عندما أطلق المسلحون النار على الجنود.

ويؤكد خبراء أن التهجير القسري لسكان غزة من المنطقة الحدودية إلى جانب أجزاء أخرى من القطاع، يمكن أن ينتهك قوانين الحرب. وقالت نادية هاردمان، الخبيرة في حقوق اللاجئين في منظمة هيومن رايتس ووتش “نرى أدلة متزايدة على أن إسرائيل يبدو أنها تجعل أجزاء كبيرة من غزة غير صالحة للعيش”. وتابعت “أحد الأمثلة الواضحة على ذلك قد تكون المنطقة العازلة وهذا قد يرقى إلى جريمة حرب”.

بدورها، حذرت سيسيلي هيلستفيت من الأكاديمية النروجية للقانون الدولي من “احتمال التطهير العرقي أو الترحيل أو عدم إعادة الإعمار حتى يضطر الفلسطينيون في نهاية المطاف إلى الخروج من المنطقة بالكامل”.

ومن المرجح زيادة التدقيق في كل ما تقوم به الدولة العبرية بسبب قرار محكمة العدل الدولية الشهر الماضي الذي دعا إسرائيل إلى منع ارتكاب أيّ عمل يُحتمل أن يرقى إلى “إبادة جماعيّة” في غزّة.

وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الشهر الماضي معارضة الولايات المتحدة أي تغيير لمساحة قطاع غزة. وجاء موقف بلينكن في معرض تعليقه خلال زيارة لنيجيريا، على معلومات بشان سعي إسرائيل لإقامة منطقة عازلة داخل قطاع غزة.

ويرى خبراء حقوقيون أن بإمكان إسرائيل استخدام أجزاء من أراضيها لإنشاء منطقة أمنية.

وكتب كين روث الخبير في حقوق الإنسان والأستاذ في جامعة برينستون “إذا كانت الحكومة الإسرائيلية تريد منطقة عازلة، فلها كل الحق في إنشاء منطقة في إسرائيل الأكبر بكثير، لكن ليس لها الحق في الاستيلاء على الأراضي في غزة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى