اخترنا لكم

أفريقيا.. شعوب وثقافات متشابهة


تتشابه العديد من الثقافات للشعوب، التي تعيش على مجاري الأنهار.. خاصة في المنطقتين الشمالية والشرقية للقارة الأفريقية.

وتعتبر هذه التشابهات حلقة وصل بينها، ما يجعل أصول البعض منها مرتبطا بجذور تاريخية قديمة، وبفضل التحركات الكلاسيكية لشعوب المنطقة كافة نجد أن بعض العادات والتقاليد تتشابه بصورة كبيرة.

والمتابع لأنثروبولوجيا إنسان المنطقة يجد أن أهم العوامل الحياتية مرتبطة مع بعضها، ولولا العوامل والحدود الجغرافية، التي باعدت بين تلك الشعوب لكانت شعبا واحدا مربوطا بعناصر حياتية واحدة.

فعلي سبيل المثال لا للحصر، نجد أن أغلب المهن الحياتية للشعوب، التي تعيش على مجرى نهر النيل متشابهة بصورة كبيرة، مثل الأعمال اليومية في الزراعة وأساليب الري بالطرق التقليدية، التي لم تتغير ربما إلى الآن في المناطق الريفية.

وهنالك مهن وحرف كانت وما تزال توضح أهم الروابط الحياتية بين تلك الشعوب كصناعة الفخار، والتي تتشابه في طريقة عملها وتحضيرها، والزخارف التي توضع عليها، والتي قد تجدها متشابهة بين الشعوب الإثيوبية والمصرية والسودانية.

وهنالك حرف مثل النّسيج، وهي من الأنشطة التقليدية التاريخية، وقد عُرفت بها شعوب هذه المناطق منذ قرون بعيدة، ولهذه الأنشطة مدلولات ثقافية ودينية عبر الأشكال والرسومات، التي توضع على الملابس الشعبية، “التطريز”، فكل شكل من الأشكال له مدلول ثقافي أو ديني، وهنا يمكن أن نضرب مثالا بأكثر الأزياء التراثية التاريخية تشابهًا مثل الأزياء الشعبية الإثيوبية، والتي تسمى محليا “حبشا لبس”، والتي تتشابه مع أزياء المصريين القدماء، والتي كانت تستخدم في المعابد وتكثر فيها الألوان البيضاء مع بعض الزخارف والتشكيلات المختلفة بألوان متعددة.

ومن أكثر العادات تشابهًا بين دولنا المطلة على نهر النيل الطقوس القديمة، التي كانت وما زالت موجودة كتراث أفريقي، مثل تقديم الهدايا للأنهار في موسم فيضانها، والشكر لموسم حصاد وافر، وهي من العادات القديمة في مصر مثل ما يُحكى عن تقديم عروس للنيل إبان فترة المصري القديم.

وفي منطقة قامبيلا بغرب إثيوبيا وأوروميا بوسط إثيوبيا ما زال البعض يحتفل بعيد الشكر لمواسم الحصاد المختلفة عبر احتفالات أريتشا الشهيرة في منطقة أوروميا على بحيرة “هورا” في منطقة بيشوفتو، قرب العاصمة أديس أبابا، وهي من العادات القديمة، التي كانت موجودة في أجزاء مختلفة من قارة أفريقيا، والتي كانت تُمارَس في فترة من الزمن القديم.

وتجد في السودان وقعا خاصا للأنهار، إذ يتم إقامة زيارة العرسان والأطفال في المناسبات المختلفة إلى أطراف الأنهار، وتُمسي لدى البعض “السيرة” أو الزيارة لضريح الأولياء على ضفاف الأنهار، وهنالك قبائل تقيم احتفالاتها على ضفاف الأنهار لما لذلك من ارتباط أنثروبولوجي خاص بها منذ آلاف السنوات.

يظل في أفريقيا كنز ثقافات متشابهة ومتواصلة ومتقاربة، عبر جسور ربطت بين حضارة وأخرى في زمن ما أو ربما إلى زمننا الحالي، ويعود هذا للتواصل بين الحضارات المختلفة في القارة السمراء كأهم سمة من سمات الالتقاء والتداخل الحضاري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى