الشرق الأوسط

التجسس.. حيلة الحوثي لتصفية القادة اليمنيين واغتيالهم


لجأت المليشيات لحيل أخرى في مدينة مأرب التي لا تزال عصية على اختراقات الحوثي أمنيا. عبر استدراج القادة اليمنيين بعيدا واغتيالهم.

ووصل الأمر مؤخرا إلى اختطافات ممنهجة طالت قادة وضباطا. عبر استغلال قدرات مليشيات الحوثي للاتصالات في جمع معلومات مهمة. والتجسس على القيادات العسكرية والأمنية. إلى جانب هشاشة البنية الأمنية للسلطات الخاضعة للإخوان في المحافظة.

قيادات تُستدرج للفخ

ففي 24 يونيو 2022، أجرت مليشيات الحوثي اتصالا هاتفيا من رقم قديم لمسؤول عسكري. على القيادي العسكري المعروف العميد عبدالرزاق البقماء. يطلبه للاجتماع في “وادي عبيدة” في الضواحي الشرقية من مدينة مأرب.

لكن الرجل الذي لعب دورا حيويا في تأسيس “قوات اليمن السعيد”، ما إن وصل إلى المكان المحدد. حتى تفاجأ بالرصاص ينهال عليه. ليلقى مصرعه في كمين مسلح نصبه الحوثيون بعد استدراجه بالاتصال إلى خارج مقر حدود مأرب.

أما أقرب الحوادث المماثلة، فتمثلت باغتيال مستشار وزير الدفاع اليمني اللواء ركن محمد الجرادي في 8 نوفمبر الجاري. حيث تلقى اتصالا “مزيفا” من مسؤول عسكري في وزارة الدفاع يطلبه للاجتماع العاجل في ريف أحد البلدات خارج مدينة مأرب.

ووقع الضابط اليمني الذي صنع انتصارات الجيش اليمني لسنوات طوال في الفخ. عندما عاد من منزله مسرعا مع أحد مرافقيه بغية حضور الاجتماع “الوهمي”. ليصطدم بكمين غادر نصب في بلدة “السائلة” الواقعة بين مديريتي مدينة مأرب والوادي.

حادثة الجرادي والبقماء ليست هي الأولى. ولن تكون الأخيرة -يقول مراقبون- في حال “لم توسع سلطات الإخوان في مأرب نطاق حزامها الأمني لحماية القيادات خارج المدينة. واتخاذ الجيش اليمني قرارات حازمة بمنع استخدام قياداته ومرافقيه على الأقل للهاتف النقال في الجبهات”.

ولعل ما يثبت خطورة الاتصالات، هو توصل التحقيقات الأمنية إلى أن مقتل قائد المنطقة العسكرية السادسة اللواء الركن أمين الوائلي. وقعت بعد تحديد موقعه عبر شريحة هاتفه الشخصي.

وقتل الوائلي في مارس 2021، في هجوم شنه الحوثيون على بلدة “الجديفة” أو ما تعرف بجبهة الجدافر شرقي الجوف. على حدود الجهة الشمالية الغربية من محافظة مأرب، شرقي اليمن.

وفي حادثة رابعة، في مايو 2020، كاد الحوثيون يطيحون برئيس أركان الجيش اليمني الفريق الركن صغير بن عزيز ؛وذلك بعد تحديد موقعه والتجسس على مرافقيه واستهدافه بصاروخ للمليشيات، أدى إلى مقتل نجله وعدد من مرافقيه فيما نجا هو بأعجوبة.

اغتيال وتأمر

والتجسس الحوثي على القيادات اليمنية العسكرية والأمنية يتجاوز مأرب إلى محافظات أخرى، منها العاصمة المؤقتة عدن. أبرزها التجسس على هواتف مرافقي ونجل قائد قاعدة العند اللواء ثابت جواس، وتحديد خطوط سير تحركاته قبل اغتياله بسيارة مفخخة، مارس الماضي.

ورغم أن سلطات مكافحة الإرهاب في عدن اتهمت خلية يديرها قيادي إخواني بالاغتيال، إلا أن توفير المعلومات لتلك الخلية الإرهابية. اشتركت فيه على الأرجح مليشيات الحوثي، باعتبار أن جواس شكل المطلوب الأول تاريخا للمتمردين.

لكن الجريمة في مأرب شهدت تطورا بارز حيث وصلت إلى الاختطافات، وباتت الاتصالات دليل مليشيات الحوثي إلى رقاب القادة العسكريين والأمنيين والقبليين، وكل المناهضين لمشروع الحوثي المدعوم من إيران، يؤكد مراقبون.

وشهدت مأرب مؤخرا، اختطاف ضابط في الجيش اليمني يدعى عبدالله معزب، بالتزامن مع اختطاف ضابط مخابرات يدعى العقيد دارس الغرازي. وهو رئيس جهاز الأمن السياسي في صعدة، وذلك بعد مغادرتهم مدينة مأرب.

كما أن قيادات من حزب الله الإرهابي من لبنان وسوريا، هم مم يديرون شبكة التجسس للحوثيين على الضباط والقيادات الأمنية والعسكرية. في المناطق المحررة مستغلين قاعدة البيانات من شركة الاتصالات الخاضعة كاملة لسيطرتهم.

المصدر أفاد أن “شركات الاتصالات تستطيع تتبع ومراقبة وتسجيل المكالمات، لكن هناك أيضا تطبيقات تقوم بأداء مهمة اختراق وتسجيل هذه المكالمات إلا أن الأخطر هو وصول قاعدة البيانات إلى المخترقين من خبراء حزب الله”.

تجسس شامل

رئيس شعبة الصحافة العسكرية بالجيش اليمني المقدم رشاد المخلافي، أشار لوجود خلية من خبراء إيران وحزب الله لإدارة الاتصالات في صنعاء. وللقيام بالتجسس، وتحديد أماكن قيادات في الجيش، وتعرض عدد من القادة نتيجة هذا الاختراق واستغلال الاتصالات للاغتيالات و الاستهدافات الممنهجة.

وقال المخلافير “إن الجيش اليمني حاول بالإمكانات البسيطة تجاوز اختراقات مليشيات الحوثي التي تستغل شركات الاتصالات الخاضعة لها في التجسس على الخصوم والمناهضين”.

وتابع: “لدينا معلومات مؤكدة تشير إلى رصد وتجسس مليشيات الحوثي على نشطاء ووجهاء وشيوخ وسياسيين. ومن لهم حضور اجتماعي ومناهضين لها والتجسس على مكالماتهم خشية أي انتفاضات داخلية في ظل رفض شعبي عارم لمخططات مليشيات الحوثي”.

عسكريا وفي مناطق الحكومة اليمنية، وفقا للمسؤول اليمني، رصدت مليشيات الحوثي القادة الأمنيين والعسكرين وعمدت لاستهدافهم. بدءا بقائد المنطقة العسكرية السادسة اللواء أمين الوائلي ووزير الدفاع السابق الذي نجا أكثر من مرة من الاستهداف.

 كما نجا رئيس هيئة الأركان العامة وقتل نجله، وعدد من مرافقيه، فيما راح ضحية تلك الاغتيالات قيادات عديدة من المقاومة اليمنية، وتسبب اختراق مليشيات الحوثي لقطاع الاتصالات في اختلالات كبيرة منها جبهات “الجوف” و”نهم”.

ويؤكد المسؤول في دائرة التوجيه المعنوي للجيش اليمني إن القوات الحكومية لجأت مؤخرا “لمنع استخدام الهاتف النقال في الجبهات منعا لرصد القادة الذين يستخدم جميعهم هواتف اتصالات تخضع لمليشيات الحوثي”.

ونوه المسؤول العسكري إلى أن “الاتصالات كانت جزءا من استراتيجية مليشيات الحوثي بعد فشلها العسكري والأمني في اختراق المناطق المحررة وسقوط مئات الخلايا في قبضة الأجهزة الأمنية في مناطق الحكومة المعترف بها دوليا”.

وطالب المخلافي بتحرير الاتصالات من قبضة مليشيات الحوثي والحرس الثوري الإيراني وحزب الله الإرهابي، مشيرا إلى أن المعركة مقبلة لا محالة. وستحسم لكن قطاع الاتصالات قطاع سياسي ويفترض سحبه إلى المناطق المحررة والعاصمة المؤقتة عدن. لأهميته الاستخباراتية والمعلوماتية والأمنية.

من جهته، طالب الخبير العسكري المقدم وضاح العوبلي أن سلطات مأرب الموالية للإخوان “بتقديم إجابات واضحة ومهنية “. عن أسباب اغتيال القيادات البارزة في الجيش اليمني.

وقال الضابط اليمني إنه “خلال شهرين فقط تم اغتيال 4 ضباط بينهم اللواء الجرادي في مأرب. ويتم تمرير اغتيالهم دون أدنى تحرك من القيادة السياسية والعسكرية والأمنية هناك. معربا عن أسفه أن تمر حوادث جسيمة وإرهابية ممنهجة مرور الكرام وتُقيد ضد مجهولين”.

زر الذهاب إلى الأعلى