“الداخلية” وأيدينا الوفية.. مأمن مع “عيال زايد”
الحمد لله على نِعمة الأمطار، التي بيّنت للعالم تكاتف كل أبناء الإمارات والمقيمين بأرضها الطيبة على قلب رجُلٍ واحد وقت الأزمات.
فمنذ أن وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وزارة الداخلية الإماراتية، بتحريك فرق الطوارئ والإنقاذ القريبة جغرافيًّا لدعم عمليات الإنقاذ في إمارة الفجيرة والمناطق الشرقية بدولة الإمارات، والتي تعرضت لأمطار شديدة، وقد هُرعت على الفور مختلف قطاعات وزارة الداخلية لتسخر جهود رجالها وعدّتهم في خدمة أهالي المنطقة الشرقية، وبالأخص أهالي إمارة الفجيرة ومدينة كلباء.
وتنفيذًا للتوجيهات صرنا نرى قوافل الآليات في مختلف شوارع الإمارات تشد رحالها إلى الساحل الشرقي، الذي سجل تلقي أعلى نسبة كمية أمطار منذ 27 عامًا.
ومنذ وصولي إلى مقر قيادة العمليات في إمارة الفجيرة وجدت خلية نحل تحت إمرة قائد واحد وعلى أهبة الاستعداد لخدمة المتضررين وتقديم يد العون لكل متصل، فقد كان ذلك الضابط يضع ثلاثة هواتف نقالة بيدٍ واحدة ويتلقى اتصالات المواطنين والأخوة المقيمين بكل رحابة، فذاك يطلب النجدة، وتلك تطلب نجدة أطفالها، وتلك تعرض خدماتها للمساعدة.. وإذا باتصال من امرأة باكستانية تطلب النجدة ولديها 3 أطفال وانقطع عنهم التيار الكهربي وهم يقطنون في الطابق السادس عشر في إحدى البنايات بإمارة الفجيرة.. وعلى الفور تم تحريك قوة مكونة من رجال الداخلية والدفاع المدني بقيادة ضابط من وزارة الدفاع، التي أعلنت ومن خلال قيادة العمليات المشتركة عن تنفيذها عملية “الأيدي الوفية”، دعمًا للسلطات المدنية في إمارة الفجيرة لإنقاذ العالقين في المناطق المغمورة بمياه الأمطار وإنقاذ المحاصَرين داخل منازلهم ومحال سكنهم.
وشرفت بمرافقة هؤلاء الرجال لإجلاء السيدة الباكستانية، التي أرسلت إحداثيات مقر إقامتها، وكان التحرك فورا باتجاهها، وإذا بالسيارات العالقة والمتعطلة بالطرقات تصبح عائقًا في الوصول إلى مكان السيدة، وبعد محاولات عدة وبسبب إغلاقات الشوارع التي سدّتها مياه الأمطار قرر قائد المجموعة الترجُّل من العربة العسكرية، وأمرنا بالتحرك مشيًا، وكان علينا أن نخوض في شارع مليء بالسيارات المغمورة بالمياه وليل شدشد الحُلْكة وبقدم لا تعرف موقعها على الأرض، إما حفرة وإما رصيف.. كأنك تمشي في مجهول، ولكن بخبرة الرجال وإمكانيات قواتنا المسلحة وصلنا إلى موقع السيدة.. وكنت أظن أن “عادل”، أحد ضباط “الأيدي الوفية” كان يمازحنا عندما أبلغنا بأن السيدة تقطن بالدور رقم 16.. وبأننا سوف نصعد الدرج إليها بسبب انقطاع التيار الكهربائي وتعطل المصاعد.. عندها نظرت لأعلى لكي أعُدّ الأدوار الستة عشر، وتساءلت بعجز: كيف؟! وبعد كم من الوقت سنصل إليه؟!
لكن بدأنا الصعود على أي حال، حتى انقطع النفَس وزادت ظلمة المكان، بيْد أن الرغبة كانت تطغى على كل التحديات.
أخيرًا وصلنا إلى شقة السيدة الباكستانية، وفورًا تسلّم الرجال أطفالها وهمّت هي معنا نزولا من الدور السادس عشر إلى سيارة الإجلاء.
وما أن استقلت الأسرة الباكستانية العربة حتى نظرت الأم لأطفالها وكأنها تقول لهم: “نحن في مأمن مع عيال زايد”.
تم تحريك الأسرة إلى مقر إجلاء الأسر، والذي تم إعداده في مواقع مختلفة، منها مدارس دولة الإمارات.. وعدنا نحن بالآلية العسكرية إلى مقر غرفة القيادة، وكانت الساعة تشير إلى 11:55 دقيقة ليلا.
أحداث لن أنساها أبدًا ما حييت.. فيها أسمى معاني العطاء وخدمة الوطن في الشدة قبل الرخاء.
للوطن رجال.. مهما اشتدت التحديات.. تجدهم في قارب واحد للعبور إلى بر الأمان.