القضاة التونسيين يستنكرون تدخل الغنوشي بالقضاء في قضية “نبيل القروي”
على خلفية تدخله في قضية رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي، استنكر المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين، الأحد، في بيان، تدخل رئيس حركة النهضة التونسية ورئيس البرلمان، راشد الغنوشي، في عمل السلك القضائي.
واستنكرت الجمعية تصريحات الغنوشي خلال حديثه مؤخرا لوسيلة إعلامية، والتي عبّر فيها عن موقفه بشأن إيداع رجل الأعمال ورئيس حزب قلب تونس نبيل القروي في السجن على ذمة قضية متصلة بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي، معربا عن اعتقاده بشأن براءته، وأن المسائل المنسوبة له تتعلق بضرائب وقوانين مالية، وأنه يثق في أن القضاء سينصفه، وسيتولى تبرئته، وإخراجه من السجن.
وعبّر القضاة في بيانهم عن استغراب المكتب التنفيذي لجمعية القضاة من التصريحات الصادرة عن الغنوشي بشأن ملف قضائي لا يزال في مرحلة التحقيق، لافتين إلى أن كلام الغنوشي يمكن أن يفهم منه أنه تدخل في سير القضاء ومساس باستقلاله وضغط على قراراته.
وذكّر بأن دستور الجمهورية التونسية أرسى بشكل واضح نظام الفصل بين السلطات، الذي يمنع كلا من السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية من التدخل في عمل السلطة القضائية، أو التأثير عليها بأي طريقة كانت، كما يذكر بأحكام الفصل 109 من الدستور الذي يحجر كل تدخل في سير القضاء.
ودعا البيان عموم السياسيين وأصحاب المسؤوليات العليا من مختلف السلطات إلى تجنب الخوض في القضايا محل نظر القضاء والالتزام بالممارسات الفضلى في دولة القانون بهذا الشأن، بتأكيد عدم تعليقهم على الأعمال القضائية كلما دعت الحاجة لذلك احتراما منهم لاستقلال السلطة القضائية ولأعضائها، مهيبا بالسادة قضاة القطب الاقتصادي والمالي بممارسة مهامهم بكامل الاستقلالية والحيادية والنزاهة والنجاعة وطبق ضمانات المحاكمة العادلة وبما ينتظره منهم المجتمع من نتائج حقيقية وملموسة في مكافحة الفساد وردعه خدمة للمصلحة الوطنية العليا وللبناء الديمقراطي السليم.
وكان قاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، قد أصدر في ديسمبر الفائت، بطاقة إيداع بالسجن في حق القروي، على خلفية تهم فساد، وسط تساؤلات حول مستقبل التحالف الذي يربط حزبه بحركة النهضة في البرلمان والحكم، على حد سواء.
وصدر قرار القضاء بحق القروي، بعد الاستماع إليه بشأن شبهة تبييض الأموال المتعلقة بعدد من شركاته.
ورأى مراقبون أن مواجهة القروي لتهم بالفساد وتبييض الأموال يحرج حركة النهضة، وقد تكون له تداعيات مباشرة على مستقبل الحكومة التي يشكل حزب قلب تونس أبرز مكونات حزامها السياسي.
وذهب البعض إلى حد توقع انهيار حزب قلب تونس وتفككه، واتجاه بعض نوابه نحو الانصهار في أحزاب أخرى على غرار آفاق تونس وتحيا تونس.
وتبدو حركة النهضة الأكثر حرجا أمام الرأي العام بسبب ما يجري، حيث تتجه إليها أصابع الاتهام في التغطية على حليف يواجه تهم الفساد، وهي بذلك أمام خيارين، فإما فك رباط تحالفها مع قلب تونس وبالتالي تراجع نفوذها البرلماني، أو مواصلة الدفاع عن القروي الموجود قيد الإيقاف.
ويعتقد محللون أن سجن القروي قد يذهب بحزب قلب تونس نحو فقدان التأثير داخل المشهد البرلماني، وبمرور الأيام سيتبيّن أنه ككل الأحزاب التي نشأت بإرادة شخص واحد تنتهي بنهاية الشخص، قضائيا أو سياسيا.
ومن المتوقع أن تشهد معالم كتلة قلب تونس في البرلمان تفككا خلال الأيام المقبلة، كما أن حركة النهضة ستبدو دون سند برلماني قوي وحتما ستكون أضعف، وسيكون زعيمها الغنوشي في موقع هش.