المغرب: التدخلات والتحكيمات الملكية للنهوض بأوضاع المرأة وإنصافها
يُسجل التاريخ المغربي مجموعة من التدخلات والتحكيمات الملكية، التي انتصرت لعدد من القضايا المصيرية في البلاد.
يُسجل التاريخ المغربي مجموعة من التدخلات والتحكيمات الملكية، التي انتصرت لعدد من القضايا المصيرية في البلاد، بعيداً عن مظاهر الصراعات، ما يُكرس المكانة الأبوية للعاهل المغربي الملك محمد السادس، في المجتمع المغربي.
مدونة تاريخية
ويتذكر المغاربة عامي 2003 و 2004، حينما تدخل الملك لحسم الجدل بين إسلاميي المغرب وحداثييه بخُصوص تعديل مدونة الأحوال الشخصية، خاصة وأن الجدل كان مُحتداً بين قُطبي المشهد الأديولوجي والسياسي في المغرب، ليُشكل التدخل الملكي حسماً للجدل دون الانتصار لطرف على حساب الآخر، لكن مع تمكين المرأة المغربية من حُقوقها ورفع ما كان ينوبها من ظُلم وحيف.
وفي ذات السنة، بلغ الصراع السياسي والأديولوجي مُستويات غير مسبوقة، ليأتي التحكيم الملكي ويُهدئ الأوضاع، ويُحقق الإجماع الوطني، إذ قال العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطاب له “فضلا عما اتخذناه للنهوض بأوضاع المرأة وإنصافها، فإننا لم نتردد في تجنيب المجتمع مغبة الفتنة حول هذه القضية”.
وأعلن العاهل المغربي عن تكوين لجنة استشارية متعددة الاختصاصات لاقتراح مراجعة جوهرية لمدونة الأحوال الشخصية، وتوج ذلك بصدور مدونة الأسرة التي اعتبرت “ثورة هادئة” على النص القديم، وذلك بالرغم من الصعوبات التي واجهت اللجنة ووصلت إلى حد انقسامها إلى قسمين، لكن حكمة الملك محمد السادس حالت دون فشل طريق الإصلاح.
وقبل الشعب المغربي بالتحكيم الملكي الذي أخرج مدونة الأسرة بصيغتها الحالية، وقال الملك في خطابه الشهير: “الإصلاحات التي ذكرنا أهمها لا ينبغي أن ينظر إليها على أنها انتصار لفئة على أخرى، بل هي مكاسب للمغاربة أجمعين”، وزاد: “لا يمكنني بصفتي أميرا للمؤمنين أن أحل ما حرم الله وأحرم ما أحله”.
حُقوق جديدة
ولم تقف بصمات الملك بخصوص المدونة الحالية التي جاءت بهدف تعزيز دور المرأة داخل الأسرة المغربية مع منحها حقوقا جديدة وتقييد تعدد الأزواج وتسهيل الطلاق عند حد التحكيم فقط، بل وجه الملك تعليمات بمناسبة الذكرى الـ14 لصدور المدونة تقضي بإعادة النظر فيها عبر تقييمها وتقويم اختلالاتها، وذلك في رسالة وجهها إلى المشاركين في المؤتمر الإسلامي الخامس للوزراء المكلفين بالطفولة، الذي احتضنته العاصمة الرباط في فبراير 2018.
وبتعليمات ملكية، تشتغل وزارة العدل على إجراء تقييم شامل وموضوعي لمدونة الأسرة، ورصد مكامن الضعف والخلل فيها، ومقاربة مقتضياتها مع التطورات السياسية والحقوقية والاجتماعية والاقتصادية التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة.
والمدونة الحالية، بغض النظر عن النواقص التي ظهرت عليها بعد الحقوق التي أقرها دستور 2011 للنساء، جعلت المرأة المغربية شريكا أساسيا في تحمل المسؤولية الأسرية نفسها التي يتحملها الرجل، وتتمتع بصفة المواطنة الكاملة.
حرص ملكي
ولم تقف التحكيمات الملكية، المُنتصرة لحُقوق المرأة المغربية عند مُدونة الأسرة، بل تجاوزتها إلى مجموعة من الملفات الأخرى، ما جعل المرأة المغربية تُراكم الكثير من المُكتسبات التاريخية في عهد الملك محمد السادس.
ويحرص العاهل المغربي الملك محمد السادس، على أن تنال المرأة المغربية جميع حُقوقها على قدم المساواة بأخيها الرجل، وذلك عبر دعمه تمدرس الفتيات وتمكين المرأة من الوصول إلى مناصب صنع القرار، إضافة إلى ضمان المساواة ومكافحة جميع أشكال التمييز طبقا لمقتضيات دستور 2011.
ومن المُكتسبات التي حققتها المرأة في عهد الملك محمد السادس، ما دخل من تعديلات على قانون الجنسية، إذ أصبح من الممكن للمرأة مثل الرجل أن تقوم بمنح الجنسية لزوجها وأطفالها الأجانب، عكس ما كان قائما في السابق.
وفي نفس السياق، وبقرار من العاهل المغربي، تم السماح للمرأة المغربية سنة 2017، بولوج مهنة “العدول” التي كانت حكرا على الرجال، مما يؤكد على الدأب القويم والمستديم للملك في إنصاف النساء ومساواتهم مع الرجال.
ومن الدلالات القوية على اهتمام العاهل المغربي بحماية حقوق النساء أيضا، إصدار وزارة الداخلية لدورية تمكن النساء السلاليات من الاستفادة من نصيبهن في أراضي الجموع على منوال الرجال.