سياسة

النووي الإيراني والعالم


السلام هو ما يحتاج إليه العالم حاليا أكثر من أي وقتٍ مضى, خاصة في المنطقة العربية، التي تعيش مع محيطها ظروفاً صعبةً تهدد أمن الجميع.

ولعل أبرز ملفات الوضع الراهن هو الملف النووي الإيراني، الذي تدور في فلكه ملفات معقدة لا تقتصر على طهران, وإنما تتعلق بالعالم أجمع وعلى رأسه المنطقة العربية.

فلا بد من تكثيف الجهود السياسية والدبلوماسية، سواء بالضغط أم بالاحتواء من أجل التوصل إلى اتفاقٍ سلميٍّ يمنع التسلح بأسلحة الدمار الشامل, نظرا لتعلُّقِ ذلك بمستويات عدة، أهمها:

المستوى الدولي: فمنذ زمنٍ والمجتمع الدولي يعمل على الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل، التي تعد من أخطر أدوات تهديد أمن العالم, وذلك لعوامل عدة قد لا تقتصر على استخدامها, وإنما تتصل بالقدرة على حمايتها وصونها من أنْ تكون قوة عدائية مدمرة, كما تتصل بالتحول إلى سباق تسلحٍ على مستوى منطقة كاملة، إذا ما تم السماح لدولةٍ ما في منطقةٍ ما بامتلاك النووي, فالمنطق حينئذ يفرض ألا يركن أحد إلى مجاورة قوة ضاربةٍ دون السعي إلى مواكبة هذه القوة تحسباً لأي طارئٍ, وهذا ما قد يهدد أمن منطقةٍ لا انفكاك لها عن أمن العالم ولا للعالم انفكاكٌ عن أمنها.

أما المستوى الإقليمي: فمن جراء الملفات المتعددة، التي تتقاطع بموجبها السياسة الإيرانية مع السياسة العربية التي تجاورها, فإنّ امتلاك السلاح النووي يجعل المنطقة برمتها في حالة غليانٍ وتشنجٍ سياسيٍّ وعسكريٍّ، الأمر الذي يؤدي إلى زعزعة الأمن الإقليمي الذي سيكون على حافة الانهيار في أي لحظةٍ, كما أنه يقلل فرص التوصل إلى السلام الإقليمي المنشود, والدخول في مرحلة سباق تسلح وتغيير قواعد التحالفات الدولية وخلط الأوراق, بما يجعل المنطقة أمام مرحلة أشد توتراً مما هي عليه اليوم.

السؤال المطروح هنا: ماذا لو لم يتم التوصل إلى اتفاق ولم تنجح مساعي التفاوض في فيينا؟

لتكون الإجابة جدّ بسيطة، إذْ سيكون الخيار العسكري ضد إيران هو الخيار الأكثر حضوراً, لا سيّما أنّ المواجهة قد بدأت، وإنْ بضرب مناطق النفوذ لا الضربات المباشرة, كالضربات الإسرائيلية لإيران برضا تامٍّ من الولايات المتحدة وبتنسيق مع روسيا, بالإضافة إلى التهديدات المتواترة والمتسارعة بالدخول في حالة مواجهةٍ مباشرة حال فشل المفاوضات, ما ينذر باشتعال المنطقة برمتها ودخولها في حربٍ قد تُعلَم بدايتها، أما نهايتها وعواقبها فقد تمتد لأعوامٍ طويلةٍ تستنزف الجميع.

كل ذلك يجعل من النووي الإيراني ونجاح مفاوضات “فيينا” في تجنب امتلاك السلاح النووي أولوية قصوى لجميع الأطراف الدولية والإقليمية, من أجل أمن المنطقة والعالم أجمع, والحيلولة دون الدخول في مرحلةٍ جديدةٍ لا يمكن أن يكون لها عنوانٌ غير المواجهة الطويلة والتوتر الدائم, الأمر الذي يتطلب تكثيف الجهود الدولية والإقليمية من أجل التوصل إلى تسوية سياسية واتفاق سلمي لهذا الملف يقضي بعدم امتلاك السلاح النووي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى