بتقديم موعد الانتخابات.. أردوغان يُربك منافسيه
ألمح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية ستجرى في 14 مايو عوضا عن موعدها المقرر في يونيو.
في وقت تجمع فيه كلّ المؤشرات على أن سباق الرئاسة سيكون استثنائيا بكل المقاييس أمام تصميم المعارضة على إزاحة أردوغان مستغلة تدهور الأوضاع المعيشية. واحتدام الأزمة المالية وتصاعد التوترات مع بعض حلفاء البلاد، بينما يشكل هذا التطور في توقيته محاولة من أردوغان لارباك المعارضة التي شكلت في معظمها جبهة موحدة لعزله سياسيا.
ولم تتفق المعارضة التركية خاصة منها التحالف السداسي (طاولة الست) على مرشح موحد وسط خلافات وانقسامات قد تحتاج وقتا أطول لحسمها وهو الوتر الذي عزف عليه اردوغان من خلال تعديل موعد الانتخابات تقصيرا للوقت المتاح أمام خصومه للاتفاق على من سينافسه في الانتخابات الرئاسية تحديدا.
وقال أردوغان خلال اجتماع لنواب من حزب العدالة والتنمية إن “الانتخابات المقبلة ستجرى بعد 73 عامًا على فوز الحزب الديمقراطي في انتخابات العام 1950″، مضيفا “ستوجّه أمّتنا ردّها على تحالف طاولة الستة في نفس اليوم”.
وأصبح أردوغان، المرشّح لانتخابات 2023، رئيسًا للوزراء في تركيا في العام 2003، قبل أن يعدّل الدستور ويصبح رئيسًا مُنتخبًا بالاقتراع العام في العام 2014.
وتسعى ستة أحزاب تركية لقطع طريق الرئاسة أمام أردوغان ضمن تحالف “طاولة الستة” الذي تشكل أواخر فبراير/شباط 2022 ويضم حزب الشعب الجمهوري بقيادة كمال كليتشدار أوغلو وحزب الخير بزعامة ميرال أكشنار وحزب السعادة بزعامة تمل كرم الله أوغلو وحزب الديمقراطية والتقدم (ديفا) الذي يتزعمه علي باباجان وحزب المستقبل بزعامة أحمد داود أوغلو رئيس الوزراء الأسبق الذي انشق عن حزب العدالة والتنمية والحزب الديمقراطي بزعامة غول تكين أويصال.
وتعهد هذا التحالف بإعادة تركيا إلى الديمقراطية البرلمانية وإلغاء النظام الرئاسي التنفيذي الذي أدخله الرئيس الحالي بعد استفتاء عام 2017 إذا أطاح به في الانتخابات المقبلة.
ولئن تثق المعارضة التركية في قدرتها على إزاحة أردوغان في الانتخابات المقبلة بعد عقدين من حكمه فإنها تدرك أن ذلك لن يتحقق سوى بالاصطفاف خلف مرشح رئاسي موحد وهو ما لم يتم الاتفاق عليه حتى الآن.
وكان زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كلينجدار أوغلو قد قال في تصريح سابق “لقد سئم الناس من أردوغان…يقولون كفى” وأضاف أن أغلب الأتراك يتوقون إلى “الديمقراطية والحرية والعدالة”.
وارتفعت في الآونة الأخيرة أسهم رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو الذي يحظى بشعبية كبيرة تؤهله ليكون منافسا جدّيا لأردوغان في السباق الرئاسي، لكن قرارا أصدرته محكمة تركية بحقه أقصاه من المنافسة في قضية اعتبرتها المعارضة مسيسة وتهدف إلى إبقاء أردوغان الطامح إلى ولاية رئاسية جديدة في طريق مفتوح. وقال المجلس الأعلى للانتخابات في تركيا إن منافس أردوغان قد لا يستطيع حكم البلاد حتى لو فاز بالانتخابات الرئاسية المقبلة.
وشهدت شعبية أردوغان تراجعا بسبب تراكم المشاكل الاقتصادية وبلوغ نسبة التضخم أكثر من 80 في المئة وفق ما أكده مساعد أردوغان السابق والسياسي المعارض في حزب الخير تورهان جوميز الذي قال إن “الناس يستعدون لتلقين أردوغان درسا في صناديق الاقتراع”.
وسيلعب الوضع الاقتصادي دورا حاسما في مسار الانتخابات القادمة وسيشكل معيار أساسيا لتوجهات الناخبين، فإذا نجح أردوغان خلال الفترة المقبلة في كبح انهيار الليرة وخفض معدل التضخم وتحسين الأوضاع المعيشية للأتراك قد يستعيد ثقة الناخبين ويرفع أسهم شعبيته أما إذا استمر الوضع على حاله، فإن حظوظه ستتآكل أكثر.
وتتهم المعارضة التركية الرئيس التركي بتدمير الليرة بسبب تدخلاته في السياسة النقدية وبتقويض مصداقية واستقلالية البنك المركزي بفرضه تخفيضات قسرية لأسعار الفائدة وتحمله مسؤولية تدهور الأوضاع المعيشية للأتراك. كما ترى أن الأزمة التي تعيشها تركيا هي انعكاس لسياسات أردوغان ولمعاركه الخارجية المدفوعة بطموحات شخصية.
ويشير المعارضون إلى أن التدخلات العسكرية الخارجية أدت إلى استنزاف موازنة الدولة وسممت علاقات تركيا الخارجية، ويعتبرون أن النهج الصدامي الذي انتهجه أردوغان تجاه الشركاء الغربيين والخليجيين في السنوات الأخيرة أضر بالاقتصاد التركي وأدى إلى نفور المستثمرين الأجانب وعزوفهم عن ضخ استثمارات في السوق التركية.
ووجهت انتقادات حادة إلى أردوغان تتعلق بملف حقوق الإنسان والديمقراطية وكذلك استهداف المؤسسة العسكرية عبر تطهيرها بذريعة الانقلاب الفاشل في 2016، بالإضافة إلى تراجع سجل البلاد في ملف حرية التعبير والصحافة.
وجاءت استطلاعات الرأي محمّلة بمؤشرات على انتصار محتمل للمعارضة لو لم يكن في السباق الرئاسي فسيكون في البرلمان، إذ تأمل في افتكاك الأغلبية التي يحظى بها حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه أردوغان.