رسالة إماراتية حازمة: ضم الضفة يهدد مسار التطبيع مع إسرائيل

قالت ثلاثة مصادر مطلعة إن الإمارات قد تخفض مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل إذا أقدمت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على ضم جزء من الضفة الغربية المحتلة أو كلها، إذ سبق أن أكدت أبوظبي رفضها مساعي إسرائيل لضم أراض في الضفة الغربية المحتلة، معتبرة أن ذلك يُعدّ “خطاً أحمر”.
والإمارات واحدة من الدول العربية القليلة التي تربطها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وسيشكل تخفيض مستوى العلاقات انتكاسة كبيرة لاتفاقيات إبراهيم التي تعد إنجازا مميزا بالسياسة الخارجية للرئيس الأميركي دونالد ترامب ونتنياهو.
واتخذت الحكومة الإسرائيلية في الآونة الأخيرة خطوات قد تنذر بضم الضفة الغربية التي احتلتها مع القدس الشرقية في حرب 1967. وتعارض الأمم المتحدة ومعظم الدول مثل هذه الخطوة.
وبالنسبة لنتنياهو، الذي تعتمد حكومته الائتلافية على الأحزاب اليمينية القومية، يمكن أن ينظر إلى الضم على أنه سبيل مهم لكسب الأصوات قبل انتخابات متوقعة العام المقبل.
وحذرت الإمارات حكومة نتنياهو الائتلافية اليمينية هذا الشهر من أن أي ضم للضفة الغربية سيكون “خطا أحمر”، لكنها لم تذكر الإجراءات التي يمكن أن تلي ذلك.
وقالت المصادر لرويترز إن الإمارات التي أقامت علاقات مع إسرائيل في 2020 بموجب اتفاقيات إبراهيم، تدرس سحب سفيرها في أي رد فعل.
وأضافت المصادر، التي تحدثت بعد طلب عدم ذكر اسمائها، أن أبوظبي لا تفكر في قطع العلاقات بالكامل رغم تصاعد التوتر خلال حرب غزة المستمرة منذ نحو عامين.
وأفاد مصدر في إسرائيل إن الحكومة الإسرائيلية تعتقد أن بإمكانها إصلاح علاقاتها المتوترة مع الإمارات، وهي مركز تجاري كبير ينظر إليه على أنه أهم الدول العربية التي أقامت علاقات مع إسرائيل في 2020. وشهدت ذات الفترة إقامة علاقات مع البحرين والمغرب.
ولم تقم أي دولة عربية أخرى منذ ذلك الحين علاقات رسمية مع إسرائيل، التي تربطها أيضا علاقات دبلوماسية مع مصر والأردن، واتصالات مباشرة مع قطر، وإن كان ذلك دون اعتراف دبلوماسي كامل.
وشهدت العلاقات التجارية التي ازدهرت للغاية في وقت من الأوقات بين الإمارات وإسرائيل فتورا واضحا بسبب الحرب في قطاع غزة، ولم يزر نتنياهو الإمارات رغم مرور خمس سنوات على إقامة العلاقات.
وأشارت مساعدة وزير الخارجية الإماراتي للشؤون السياسية، لانا نسيبة، في بيان في وقت سابق من الشهر الجاري إلى أن “ضمّ أراض في الضفة الغربية سيشكّل خطاً أحمر بالنسبة للإمارات”.
ودعت الإمارات، إلى وقف خطط الضمّ في الضفة الغربية المحتلة، محذّرة من أنها ستقوّض بشكل خطير اتفاقيات التطبيع التي وُقعت في عام 2020 بين البلدين، وفق نسيبة.
وقالت المسؤولة الإماراتية إنه “منذ البداية، نظرنا إلى الاتفاقيات كوسيلة تمكّننا من الاستمرار في دعم الشعب الفلسطيني، وتطلعه المشروع إلى إقامة دولة مستقلة”.
وأضافت لانا نسيبة أن “المقترحات الخاصة بضم أجزاء من الضفة الغربية، التي يُقال إنها قيد النقاش داخل الحكومة الإسرائيلية، تأتي في إطار مسعى يهدف حسب كلمات أحد الوزراء الإسرائيليين، إلى دفن فكرة الدولة الفلسطينية)”، وذلك في إشارة لوزير المالية الإسرائيلي اليميني، بتسلئيل سموتريتش.
وكان الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي قد صادق، في 23 من يوليو/تموز الماضي، على مقترح يدعو الحكومة إلى فرض “السيادة الإسرائيلية” على كامل أراضي الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن، ما أثار ردود فعل واسعة.
ورغم أن المقترح الذي تقدم به أعضاء في الائتلاف اليميني الحاكم، وحاز على موافقة أغلبية الكنيست بعدد 71 صوتاً مقابل 13، لا يلزم الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ القرار، غير أنه قد يعكس توجهاً سياسياً لترسيخ مشروع الضم.
وقال وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، إن المشروع يهدف إلى “دفن فكرة الدولة الفلسطينية”.
وكرر سموتريتش، مرارا دعوته إلى ضم مساحات شاسعة من الضفة الغربية. وقال إن “الوقت حان لفرض السيادة الإسرائيلية” على هذه الأراضي.
وأضاف أن هذه الخطوة “ستُلغي فكرة تقسيم أرضنا الصغيرة وإقامة دولة إرهابية داخلها بشكل نهائي”، داعياً الى ضم “كل المناطق المفتوحة”، واستدرك “المبدأ الأسمى لفرض السيادة، هو شعار: أقصى مساحة من الأرض مع أقل عدد من السكان الفلسطينيين”.
وكانت بريطانيا وفرنسا من بين 21 دولة وقّعت بياناً مشتركاً، اعتبرت فيه أن موافقة إسرائيل على المشروع “أمر غير مقبول وانتهاك للقانون الدولي”.
أما وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، فقد انتقد فرنسا ودولاً أخرى تسعى للاعتراف بدولة فلسطينية، قائلاً إنه حذرها من أن إسرائيل “قد تردّ بضم الضفة الغربية”.