اخترنا لكم

قهوة إثيوبيا.. تراث وثقافة وحراك اقتصادي


لاكتشاف القهوة في إثيوبيا تاريخ طويل لم يدوَّن بصورة كاملة.

فقد بدأت القهوة بقصة الراعي “كالدي”، الذي سار خلف أغنامه وعرف أنها أدمنت نبتة صادفتها بأحد المراعي، فاكتشف بذلك حبيبات القهوة الحمراء، وهي في أولى مراحل نضجها، وصولا إلى اكتشاف أهمية المشروب الذي يُصنع من هذه النبتة، والذي يطلق عليه في بعض المناطق “الذهب الأسود”، نظرا لأهميته الاقتصادية عالميا، والذي بات من أهم سلع الأرض استهلاكا.

القهوة الإثيوبية تختلف عن بقية أنواع القهوة عالميا بجودتها وطريقة زراعتها، حتى إن كل إقليم في إثيوبيا له طريقة مختلفة في إنتاج وزراعة حبوب القهوة، ما يعطي منتج القهوة الإثيوبية تنوعا، ويُظهر التنافس بين أنواع القهوة من “يرقا تشفي” و”أرابيكا” و”سيداما” و”قهوة الغابات” وغيرها.

في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا توجد بورصة المحاصيل النقدية، وهي مؤسسة مهمتها وضع الأسعار للمحاصيل النقدية كافة في البلاد، وتتصدر القهوة تلك المنتجات وتتنافس عليها كبريات الشركات لكسب عطاءاتها.

وعندما نراقب الحراك التجاري في القهوة كسلعة نرى أن الإثيوبيين يستخدمون القهوة ذات الجودة الوسطى ويتم تصدير الأعلى جودة لتنافس في السوق العالمية، لتدر على البلاد عملات صعبة، رغم التحدي الكبير الذي ظل يواجه إنتاج القهوة في إثيوبيا مؤخرا، متمثلا في إحلال زراعة “القات” في مناطق كثيرة كانت موطنا لزراعة القهوة الإثيوبية، فضلا عن تغير المناخ ورغبة المزارعين في محاصيل أسرع نموا وأكثر دخلا.

وإذا نظرنا إليها كتراث، فإن القهوة الإثيوبية لها وضع خاص لدى المجتمع الإثيوبي، وتعتبر أهم عناصر ثقافته، فهي بمنزلة طقس للأسرة الإثيوبية، يبدأ بجلسة وأدوات القهوة مرورًا بطريقة تحضيرها والتفاف الضيوف حولها في شكل نصف دائري، حتى طريقة تناول القهوة في مجموعات تعتبر إرثا إثيوبيا فريدا، مع الاستماع للحكايا والقصص وتجارب الكبار وبعض الأشعار والأمثال الشعبية، بالإضافة لأسلوب عرضها مع الأدوات محلية الصنع، وقد تجد اختلافا في القهوة من منطقة لأخرى وسط تعددية مجتمعية وثقافية داخل إثيوبيا، فمنهم من يتناولها بالسمن، ومنهم من يضيف إليها الحليب، وفريق ثالث يشربها بالملح لا بالسكر.

وهناك دول تستورد القهوة من إثيوبيا، لكنها تخطت الأصل الإثيوبي وصارت لها شهرة عالمية باسمها هي لا بالاسم الإثيوبي، وهذا ربما يشير إلى الحاجة إلى جهد كبير لترويج الخام الإثيوبي بما يستحق عبر الأسواق العالمية كاسم تجاري ناجح وله سمعة جماهيرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى