سياسة

مالي تبدأ حوار السلام والمصالحة


مشاورات الحوار من أجل السلام والمصالحة تنطلق، اليوم السبت، في مالي ضمن جلسات تشمل جميع المستويات في الدولة، وتمضي على جمر خلافات واسعة.

وينطلق رسميا الحوار الداخلي الذي تريده السلطات الانتقالية في البلد الأفريقي، حيث تبدأ المناقشات على مستوى البلديات. ثم تأتي، بنهاية الشهر، مرحلة المشاورات المحلية أي على مستوى المناطق، ثم وطنيا.

وتستمر المشاورات حتى 10 مايو/أيار المقبل، ومن المفترض أن يعيد هذا الحوار الذي أراده المجلس العسكري داخليا بامتياز، التماسك الوطني.

لكن تعليق أنشطة الأحزاب والجمعيات السياسية الذي أُعلن عنه مؤخرا أثار موجة من الاحتجاجات عطلت المناقشات حتى قبل أن تبدأ. 

وفي بيان، قالت الخارجية المالية إن الوزير عبدولاي ديوب عقد، الجمعة، بمعية أعضاء اللجنة التوجيهية للحوار بين الماليين من أجل السلام والمصالحة، اجتماعا مع السلك الدبلوماسي والقنصلي لـ”تبادل المعلومات حول موضوع الملكية الوطنية لعملية السلام الجارية”.

واغتنم ديوب الفرصة ليجدد التأكيد على “التزام السلطات الانتقالية بمسار العودة إلى نظام دستوري سلمي وآمن لا رجعة فيه، والذي بدأ بالفعل مع الاستفتاء على الدستور”.

ونقل البيان نفسه عن عثمان إيسوفي مايغا، رئيس اللجنة، قوله إن الحوار “يتميز بالمشاركة الشاملة لجميع الماليين أينما كانوا، وسيكون مفتوحا على جميع القضايا ذات الاهتمام الوطني الرامية إلى تعزيز استعادة السلم والتماسك الاجتماعي والمصالحة الوطنية”.

غضب

ترى الحكومة الانتقالية ضرورة أن يجري الحوار الداخلي “في مناخ من الهدوء وليس النشاز”، وكانت هذه واحدة من الحجج المطروحة رسميا لتعليق أنشطة الأحزاب السياسية.

لكن على مدى يومين، بدا الأمر على الأرض مخالفا للتوقعات، حيث تضاعفت الأصوات المنددة بالقرار والمسار داخل الأحزاب وخارجها، احتجاجا على قرار وصفه البعض بـ”غير القانوني”، وحتى “الديكتاتوري”، بل بلغ الجدل حد الدعوة إلى العصيان المدني.

وفي بيان مشترك، أعلنت جميع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني في مالي تقريبا، رسميا، أنها لن تشارك في ما وصفته بـ”ما يسمى بالحوار المالي الداخلي”. 

ولن تشارك أيضا الجماعات المسلحة من الشمال التي وقعت على اتفاق السلام السابق الموقع بالجزائر في عام 2015، والأمر يشمل أيضا جماعات أخرى غير موقعة على الاتفاق، علاوة على متمردين آخرين باتت الحكومة الحالية تعتبرهم “إرهابيين”.

غيابات يعتقد محللون أنه ستكون لها تداعيات مباشرة على نجاح حوار من المفترض أن يجلب السلام إلى البلاد عبر المصالحة.

وبمناسبة عيد الفطر يوم الثلاثاء الماضي، رحب العقيد أسيمي غويتا، الرئيس الانتقالي، ببدء هذا الحوار الذي يشكل في نظره “الإطار المثالي للمصالحة بين الماليين”.

“اعتراف بالعجز؟”

في قراءته للمشهد المالي في ظل المستجدات، يرى أليون تاين، مؤسس مركز أبحاث “أفريكاجوم”، والخبير الأممي المستقل السابق المعني بحالة حقوق الإنسان في مالي، أن ما يجري “نوع من الاعتراف بالعجز”، في إشارة إلى تعليق أنشطة الأحزاب ونقاط أخرى.

ويقول تاين، في حديث لإعلام فرنسي، إن ما يحدث يختزل “الاعتراف بأنه لا توجد آفاق سياسية وأننا نريد الاحتفاظ بالسلطة بالقوة، يبدو لي أن الأمر لن ينجح، ونحن نعرف مالي التي اختبرت الدكتاتورية مع موسى تراوري وانتهت بمأساة لا يزال نصب الشهداء يذكّر الماليين بها”.

ومع أن السلطات تؤكد أن هذا إجراء يتعلق بالنظام العام وتتهم الأحزاب السياسية بالقيام بأنشطة تخريبية، لكن بالنسبة لـ”تاين”، فإن سياسة “كبش الفداء” هذه “لم تعد مجدية”.

وتابع موضحا: “الآن، هناك انهيار اقتصادي في مالي ومن ثم لا يوجد تحسن في الوضع الأمني، لذا، أعتقد أن الوقت قد حان بالنسبة لهم، أي الجيش، للقيام بما يعرفون كيف يفعلونه: الحرب ضد الإرهاب“.

وختم بالقول: “ثم هناك انهيار التعاطف الذي كانوا يتمتعون به في مالي وأماكن أخرى، ولذلك أعتقد أن الأمر انتهى، والشرعية ينبغي أن تكتسب عبر صناديق الاقتراع”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى