سياسة

ما هي أسباب انهيار الجيش الأفغاني أمام مسلحي “طالبان”؟

 


كيف تمكن حوالي 60 ألفا من مقاتلي الحركة، بأسلحة تقليدية ودون تدريب مناسب على أساليب الحرب الحديثة، من هزيمة أكثر من ربع مليون جندي بالجيش الأفغاني، مزودين بكل أنواع الأسلحة الحديثة، بما في ذلك سلاح الطيران، ويتلقون مساعدات دولية استثنائية؟

هذا السؤال سيطر على أغلبية متابعي الشأن الأفغاني مع التقدم المتسارع لمسلحي حركة طالبان على حساب قوات الجيش، ولعل تقرير هيئة التفتيش المختصة بإعادة إعمار أفغانستان (SIGAR) عن الواقع الحقيقي للجيش الأفغاني، يجيب على ذلك.

وبحسب التقرير، فإن القادة الرئيسيين في الجيش كانوا طوال السنوات الماضية يتصرفون كـ أمراء حرب، ويعتبرون الجيش مؤسسة كبرى للحصول على المغانم، ويبنون من خلاله شبكات من المنافع والمحسوبيات، عبر دوائر عائلية ومناطقية، تفتقد لروح العقيدة العسكرية المتماسكة والمنظمة المؤسساتية.

وشرح التقرير كيف أن هذا النمط من الهرمية غير العقائدية وغير المنضبطة يساهم بما يجري من تفكك، وفرار لعناصر الجيش حتى قُبيل دخول المعارك أمام مقاتلي طالبان.

وفي المقابل، فإن العدد الفعلي لمقاتلي حركة طالبان، لا يتجاوز 60 ألفا فقط، بحسب تحليل نشره مركز مكافحة الإرهاب، وهو مؤسسة بحثية واستشارية ضمن الأكاديمية العسكرية الأميركية، والذي أشار إلى أن الحركة تمكنت من عقد عشرات التوافقات مع القوى الأهلية الأفغانية، من عشائر وزعماء المناطق ووجهاء المجتمع المحلي في العديد من المناطق، الذين رصدوا آلاف المقاتلين لصالح الحركة، التي تلاقت مصالحها مع مصالح هؤلاء.

وتبعا لحسابات المركز الأميركي، فإن العدد الفعلي لمقاتلي الحركة ومؤيديها يبلغ 200 ألف مقاتل في مخلف المناطق، ولهذا فإن مقاتلي الحركة أكثر معرفة وخبرة بالمناطق الجغرافية والديموغرافية في أماكن المعارك التي ينتشرون فيها.

لكن الباحث الأفغاني جوهر طالبي، يُعيد الإجابة على السؤال إلى كمية ونوعية الأسلحة الهائلة التي ظهر أن الحركة تملكها، حيث قال: ثمة كميات مهولة من الأسلحة بيد الحركة، ومن جميع الأنواع. فبكل بساطة يمكن ملاحظة أسلحة أميركية حديثة بيد مقاتلي الحركة، حصلوا عليها من مخازن الجيش الأفغاني…إلى جانب ذلك، يمتلكون أسلحة أخرى مخزنة منذ عهد الاحتلال السوفياتي في ثمانينيات القرن المنصرم، ومعها أسلحة إيرانية وباكستانية، حتى أن المرء يشعر أن مقاتلي طالبان يغوصون في بحر من الأسلحة، وفق ما نقلت عنه سكاي نيوز عربية.

وأضاف طالبي: كانت تلك الأسلحة تُستعمل بكثافة عالية أثناء المعارك. فالحركة حينما كانت تحاصر المدن والبلدات، كانت تُمطرها بوابل كثيف من النيران، وفي مرات كثيرة تستمر لأيام، دون أي شعور بالمسؤولية تجاه المدنيين أو البنية التحتية، على عكس الحذر الذي كانت تتعامل به القوات الحكومية.

واعتبر الباحث الأفغاني أن هذه الكثافة النارية كانت “تدفع عناصر الجيش للفرار وترك المدنيين في مواجهة مقاتلي الحركة.

ونوه طالبي كذلك إلى الدور السياسي في هذه الهزيمة، مذكرا بأنه خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ظهر الزعماء السياسيون الأفغان فاقدين لأية قدرة على تقديم مشروع وطني لبناء دولة وحكومة في أفغانستان، في مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي…في ذلك الوقت كانت حركة طالبان تروج دعايتها المتحدثة عن الخطاب الوطني والديني وتحرير البلاد، لذا فإن جزءا غير صغير من المجتمع الأفغاني، بالذات الطبقات الأكثر ريفية والأقل تعليما، كانوا يملكون مشاعر مختلطة في دعم الحركة والإيمان بشعاراتها، وهو أمر استخدمته الحركة بكثافة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى