من هي المعمّرة “تقيّة”؟
أسدل رحيل المعمّرة اليمنية تقيّة، ابنة الإمام يحيى حميد الدين المتوكل، الستار على الذرية المباشرة لمؤسس “المملكة المتوكلية” في شمال البلد، بعد عمر طويل، يتجاوز قرنًا من الزمان.
وتوفيت الأديبة والشاعرة، صاحبة “يتيمة الأحزان”، المولودة في العام 1922، أواخر الأسبوع الماضي، وسط تضارب الأنباء حول مكان رحيلها، خارج البلاد بين الرياض، وجدة، ولندن، وفق تداولات الصحافة اليمنية.
ومع وفاة “تقيّة” البالغة من العمر 100 وعامين، تجدد الجدل المُثار حول كتابها “يتيمة الأحزان من حوادث الزمان” الذي ألفته قبل عدة أعوام، تروي فيه حكايتها وسيرتها الذاتية، بجزالة أدبية مؤثرة، ورثتها عن والدها، في محاولة لتبييض حقبة زمنية ثار عليها اليمنيون بضع مرات، وصولًا إلى ثورة الـ”26 من سبتمبر”، ونهاية “المملكة المتوكلية”، في العام 1962.
وقال رئيس الهيئة العامة للكتاب لدى الحكومة اليمنية، يحيى الثلايا، في منشور عبر “فيسبوك”، إن المذكرات الحزينة التي كتبتها آخر الأحياء من ذرية الإمام يحيى حميد الدين، تحرص على “انتزاع تعاطف القارئ، بما بثّته بين سطورها من أحزان وأوجاع”، لكنها رغم تلك اللغة الفخمة، لم تستطع تجاوز إقدام أبيها على تزويجها كرهًا من شخص تجاوز الأربعين ولا تحبّه، وهي في الثانية عشرة من عمرها، “لسبب وحيد، هو السياسة وصفقات الحكم وتحالفاته”، كما قال.
وأسس والدها، يحيى حميد الدين “المملكة المتوكيلة” عام 1918، بعد خروج العثمانيين من مناطق شمال اليمن واعترافهم به كإمام مستقل، وهي مرحلة دخلت خلالها المملكة الوليدة التي امتدت على مدى 44 عامًا، في مرحلة من التراجع والصراع والرجعية، نتيجة سياسة العزلة التي انتهجها أئمة الزيديين.
وولدت “تقيّة” من أمٍّ طلقها الإمام قبيل ولادتها، قبل أن يلتم شملها مع أشقائها الـ15 في “دار السعادة” التي بنيت في عهد العثمانيين كمشفى بصنعاء، وتحولت إلى سكن لزوجات والدها الثلاث، كما تذكر.
وتشير مذكراتها المدونة، إلى حياة “الارستقراطية” وامتيازاتها التي تنعّمت بها الأسرة الحاكمة، في وقت تفتقر فيه البلاد إلى أبسط مقومات الحياة، وتحولت إلى “متحف القرون الوسطى”، كما يصفها المؤرخون.
وتتهم “تقيّة” في كتابها، والد طفلتها، بهندسة عملية اغتيال أبيها فيما يعرف بـ”ثورة الدستور”، المطالبة بإنشاء دستور للبلاد، عام 1948، قبل أن يتمكن أخوها أحمد من إفشال ثورة زوجها ووالده، والانتقام من أسرتهما.
وفي وقت تسود فيه مخلفات العهد الإمامي، اليمنيين على مدى عقد، يقول يحيى الثلاثا، رئيس الهيئة العامة للكتاب حاليًّا، إن باستطاعة القارئ لِما كتبته ابنة الإمام يحيى، “استنباط صور العدالة والمساواة المطلقة التي اختارها أئمة آل البيت في عهد الإمامة المتوكيلة، امتدادًا لعهودهم المتفردة”.