اخترنا لكم

“ناصر” وإثيوبيا.. قصة لا تنتهي


العلاقة بين الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وأفريقيا متشعبة وقوية وعميقة.

كانت هذه العلاقة في فترة زمنية هي الأبرز لتحركات دول القارة نحو التحرر وإظهار صوت أفريقيا للعالم بإعلان تأسيس كيانات أفريقية متعددة، وذلك مع الرعيل الأول من القادة الأفارقة.

ففي فترة الرئيس عبد الناصر كانت هناك اهتمامات مصرية كبيرة بالتواصل مع العمق الأفريقي، حيث كوّنت فرق بحث ودراسات متعمقة للاهتمام بالشعوب الأفريقية، تمتد آثارها حتى اللحظة.

وفي ذكر الحديث عن علاقة عبد الناصر بأفريقيا عموما، وإثيوبيا خصوصا، كانت هناك مواقف متعددة للقيادات في الدولتين، خاصة خلال خمسينيات القرن العشرين.

فمثلا إبان فترة العداون الثلاثي على مصر “بريطانيا وفرنسا وإسرائيل” كان موقف إمبراطور إثيوبيا هيلي سيلاسي هو الاعتراض على هذا الاعتداء، بصفة مصر أولا دولة أفريقية، ويحكي التاريخ أن “سيلاسي” استدعى السفراء الأوروبيين في أديس أبابا وعبّر عن غضبه مما يحدث من اعتداء على مصر.

ويحضرني دائما أنني صادفت كتابا نادرا من القطع الصغير يحمل عنوان “أضواء على الحبشة”.. وقد طُبع هذا الكتاب في مصر خلال عهد عبد الناصر.. والغريب ليس اسم الكتاب أو مكان طباعته، ولكن ما أدهشني أن الكتاب تم إعداده وطباعته بأمر شخصي من الرئيس المصري جمال عبد الناصر.

وقد اشترك في إعداد الكتاب كل من سعيد العريان وأمين شاكر ومصطفى أمين، فيما طبع بدار المعارف المصرية.

كانت المقدمة الخاصة بالكتاب بخط يد الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وجاءت المقدمة تحت سطر عنوان عريض يقول “إثيوبيا دولة شقيقة”.. كتب فيها عبد الناصر بخطه البديع: “إن بيننا وبين الحبشة من علاقات الود الدائم ما لا يكون مثله بين الأخوين الشقيقين.. فنحن والحبشة بلدان متجاوران في قارة ضرب عليها الاستعمار نطاقه لتكون له دون أهله كالبقرة الحلوب، تدر له من لبنها ما لا تدر لفصيلها المهزول..”.

كانت هذه الكلمات جزءا من المقدمة التي جاءت في أربع صفحات وقّع في ختامها الرئيس عبد الناصر، ما يدل دلالة عميقة على هذه العلاقة الاستراتيجية والأخوية بين البلدين والشعبين، شريكَي نهر النيل العظيم.

هذا الكتاب، الذي يتحدث عن تاريخ وقبائل إثيوبيا -“الحبشة”- من أقدم وأكثر الكتب العربية ندرة عن إثيوبيا، ويركز على التاريخ الإثيوبي، خاصة الأباطرة وعلاقة الكنيسة الإثيوبية بالمصرية والفاتيكان، وتاريخ الصراع في إثيوبيا إبان فترة “النجاشي”، ومحاولة التدخلات الغربية في الشؤون الإثيوبية، من حملات البرتغاليين والإنجليز.

ومما نلمحه في هذا الكتاب، الذي يعد مرجعا للقارئ العربي الراغب في التعرف على فترات محددة من تاريخ إثيوبيا، هو الجهد المبذول من قبل مؤلفيه، الذين اعتمدوا على مصادر من الكتابات الغربية، لولا بعض الارتباك في التسلسل التاريخي ونقص بعض الحقائق وعدم كتابة الأسماء صحيحة بسبب “حاجز اللغة”، وهذا راجع للمصادر المنقول عنها من كُتاب غربيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى