تونس .. البرلمان الجديد يعقد أولى جلساته في خضم أزمة سياسية
انطلقت اليوم الاثنين الجلسة الافتتاحية للبرلمان التونسي المنتخب حديثا، معلنا بذلك استئناف المؤسسة التشريعية لعملها بعد حوالي عامين من إغلاقها وحلّ المجلس السابق ضمن التدابير الاستثنائية التي أعلنها الرئيس قيس سعيد حينها، فيما تتزامن هذه الانطلاقة مع أزمة سياسية في خضم رفض المعارضة السياسية للمسار الحالي، معتبرة أن البرلمان الجديد “غير شرعي” ومجرّد من الصلاحيات، بينما أكد سعيد في تصريح موفى الأسبوع الماضي أن “من لا يزال يضع في ذهنه دستور 2014 فهو خارج التاريخ”.
وترأس الجلسة الافتتاحية أكبر النواب سنا النائب صالح المباركي (70 عاما) بمساعدة أصغر نائبين وهما غسان يامون (24 عاما) وسيرين بوصندل (28 عاما).
وأكد المباركي على “العمل المشترك مع السلطة التنفيذية في نطاق وحدة الدولة”، مضيفا أن “البرلمان تقع على عاتقه مسؤولية تاريخية جسيمة”، داعيا النواب إلى تجنب الصراعات المرتبطة بمصالح ضيقة.
ويختلف البرلمان الجديد عن سابقه المنحلّ، إذ يعمل بموجب دستور صاغه الرئيس سعيد العام الماضي وأقره في استفتاء بنسبة إقبال بلغت نحو 30 في المئة وستكون سلطته محدودة مقارنة بالمجلس السابق.
وقاطعت معظم الأحزاب الانتخابات وتم إدراج المرشحين في قائمات فردية دون الإشارة إلى الانتماء الحزبي ومعظم أعضاء البرلمان الجدد سياسيون مستقلون.
وقالت جبهة الخلاص الوطني التي تمثّل الواجهة السياسية لحركة النهضة الإسلامية في بيان إنها “لن تعترف ببرلمان ناجم عن انقلاب وانتخابات قاطعتها الأغلبية”، مؤكدة تمسكها بدستور 2014.
واعتبر نواب البرلمان المنحل في بيان لهم أن “المجلس الجديد فاقد للشرعية”، مشيرين إلى أن أغلبية الشعب قاطعت الانتخابات التي أفضت إلى تشكيله، معتبرين أنه يفتقر إلى الصلاحيات، ما يجعله محدود التأثير ومؤكدين أن رئيسه الفعلي هو قيس سعيد.
وينطلق البرلمان الجديد وسط رفض قوى سياسية ومدنية بتونس لإجراءات سعيد الاستثنائية التي حُلّ بموجبها أيضا مجلس القضاء وأصدرت تشريعات بمراسيم رئاسية. ولئن تصر المعارضة على اعتبار هذه الإجراءات “انقلابا على الدستور”، فإن قوى أخرى تؤيدها وترى فيها “تصحيحا لمسار ثورة 2011”.
أما سعيد فيقول إن إجراءاته قانونية وضرورية لإنقاذ الدولة من انهيار شامل، مؤكدا أنه لن يتراجع خطوة إلى الوراء في حربه التي يخوضها ضد الفساد المتفشي في مؤسسات الدولة ويعمل على تصحيح مسار الثورة.
وشهد محيط البرلمان بباردو تعزيزات أمنيّة مكثّفة مع انطلاق أولى جلساته، حيث وضعت الحواجز الأمنية وانتشرت وحدات الأمن في الشوارع والأنهج القريبة من المجلس، فيما تجمع أمام باب المجلس عدد من الصحفيين المحليين ومراسلي المؤسسات الإعلامية الأجنبية بعد أن منعهم أعوان الأمن من الدخول لتغطية الجلسة الافتتاحية، معبرين عن رفضهم لهذا القرار، لكن الأمنيين برروا منعهم بعدم وجود أسمائهم بالقائمات الخاصة بالصحفيين المعنيين بمتابعة الجلسة من داخل المؤسسة.
واقتصرت التغطية الصحفية للجلسة من داخل البرلمان على صحفيين من مؤسسات إعلامية عمومية محلية وهي التلفزة والإذاعة التونسيتين والوكالة الرسمية للأنباء.
ووصف صحفيون ومصورون قرار منعهم من تغطية الجلسة الأولى للبرلمان بـ”ممارسات إقصائية” غير مبررة، معتبرين أنها “خطوة إلى الوراء في مجال حرية الصحافة والإعلام وفي الإنصاف والمساواة في الوصول إلى المعلومة والتغطية” وطالبوا إدارة مجلس النواب بالتراجع فورا عن هذا الإجراء.
وانتخب البرلمان إبراهيم بودربالة وهو رئيس سابق لنقابة المحامين رئيسا للبرلمان. وبودربالة من أشد المؤيدين للرئيس قيس سعيد.
وأوقفت قوات الأمن التونسية اليوم الاثنين النائب وجدي الغاوي خلال الجلسة الافتتاحية للبرلمان على خلفية شبهات تزوير تزكيات أثناء ترشحه للانتخابات.
وقال النائب في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء أن أعوان الأمن قاموا بإخراجه من قاعة الجلسات العامّة، مضيفا أن منافسته في الانتخابات التشريعية (حنان بيبي) كانت رفعت ضده قضية في شبهة “تدليس تزكيات”.
وتابع أنه “تفاجأ بهذا الإجراء ضده بعد مباشرة عمله النيابي وآداء القسم، خاصة وأن القضية مازالت في طور التحقيق وسبق الطعن لنفس الأسباب من قبل نفس الجهة لدى المحكمة الإدارية التي أقرت برفض الطعن في الأصل ابتدائيا واستئنافيا”.