الضفة تحت التهديد.. هجمات على مصادر المياه من قبل المستوطنين

يواجه الفلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة نقصا حادا في المياه، وهو أمر يرجعونه إلى تصاعد هجمات المستوطنين اليهود المتطرفين على مصادر المياه النادرة.
وفي مختلف أنحاء الضفة الغربية، يشكو السكان من نقص المياه الذي أدى إلى جفاف الصنابير في المنازل وعدم توافر المياه اللازمة لأنشطة الري في الحقول.
وفي رام الله، إحدى أكبر المدن الفلسطينية في الضفة الغربية والعاصمة الإدارية للسلطة الفلسطينية، أصبح السكان الذين يواجهون نقصا في المياه يعتمدون الآن على الصنابير العامة.
تقول أم زياد، بينما كانت تملأ عبوات بلاستيكية بالماء إلى جانب سكان آخرين من رام الله “طبعا الماء أساس الحياة. وهنالك ضغوط بسبب المستوطنين، قطعوا الماء عن كفر مالك، وهي التي توزع على الضفة. لدينا أزمة مياه”.
ورصدت الأمم المتحدة 62 واقعة تخريب نفذها مستوطنون يهود لآبار مياه وخطوط أنابيب وشبكات ري وغيرها من البنية التحتية للمياه في الضفة الغربية في الأشهر الستة الأولى من العام.
واعترف الجيش الإسرائيلي بأنه تلقى تقارير متعددة عن قيام مدنيين إسرائيليين بالتسبب عمدا في أضرار بالبنية التحتية للمياه، دون تحديد أي مشتبه بهم.
ومن بين مصادر المياه التي استُهدفت نبع مياه عذبة ومحطة توزيع مياه في عين سامية على بعد 16 كيلومترا تقريبا إلى الشمال الشرقي من رام الله، والتي تخدم نحو 20 قرية فلسطينية قريبة وبعض الأحياء.
وسيطر مستوطنون على نبع الماء الذي يستخدمه عدد من الفلسطينيين منذ أجيال لترطيب أجسامهم في أشهر الصيف الحارة.
وقالت مصلحة مياه القدس إن محطة توزيع المياه في عين سامية أصبحت هدفا متكررا لأعمال التخريب التي ينفذها مستوطنون.
وقال عبدالله بعيرات (60 عاما) وهو من سكان قرية كفر مالك المجاورة بينما كان واقفا على قمة تل يطل على النبع إن أعمال العنف التي يمارسها المستوطنون تصاعدت بشدة.
وتزداد المستوطنات الإسرائيلية اليهودية التي تحيط بنبع عين سامية وقرية كفر مالك. وتعد الأمم المتحدة ومعظم حكومات العالم المستوطنات القائمة في الضفة الغربية غير قانونية بموجب القانون الدولي وتشكل عقبة أمام قيام دولة فلسطينية مستقبلية.
ويشير مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى أن المستوطنين نفذوا هجمات متعددة استهدفت ينابيع المياه والبنية التحتية الحيوية للمياه في رام الله وسلفيت ونابلس في الفترة من أول يونيو حزيران حتى 14 يوليو/تموز. وذكر المكتب في تقرير صدر في يوليو/تموز أن نبع عين سامية تعرض لهجمات متكررة.
وقال الجيش الإسرائيلي ردا على أسئلة عن هذا التقرير إن قوات الأمن الإسرائيلية تعد أي ضرر يلحق بالبنية التحتية انتهاكا خطيرا، وإنها تنفذ عمليات سرية وعلنية لمنع المزيد من الضرر. وأضاف أن (سلطة المياه الفلسطينية) مُنحت حق الوصول لإجراء الإصلاحات.
وقال كريم جبران، مدير الأبحاث الميدانية في بتسيلم (مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة)، إن المستوطنين سيطروا على معظم الينابيع الطبيعية في الضفة الغربية في السنوات القليلة الماضية ومنعوا الفلسطينيين من الوصول إليها.
ويواجه الفلسطينيون منذ فترة طويلة حملة ترهيب ومضايقات وعنف جسدي يشنها مستوطنون متطرفون يمثلون أقلية من المستوطنين اليهود الذين يعيشون في الضفة الغربية ويقيم معظمهم في المستوطنات لأسباب مالية أو عقائدية ولا يدعون إلى ممارسة العنف بحق الفلسطينيين.
ويقول الفلسطينيون إن وتيرة عنف المستوطنين في الضفة الغربية زادت منذ هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وعبروا عن مخاوفهم من أن يكون تصاعد عنف المستوطنين جزءا من حملة لطردهم من الأرض. وسجلت الأمم المتحدة 925 واقعة من هذا النوع في أول سبعة أشهر من العام بزيادة 16 بالمئة على أساس سنوي.
ويدعو عدد من السياسيين الإسرائيليين منذ هجوم حماس إلى ضم الضفة الغربية.
ونقلت وسائل اعلام أمس الأحد عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن الحكومة تدرس الآن ضم الضفة الغربية بعدما قالت فرنسا ودول غربية أخرى إنها ستعترف بدولة فلسطينية هذا الشهر.
ويريد الفلسطينيون إقامة دولتهم المستقبلية على الضفة الغربية وقطاع غزة وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية.
ويجد الفلسطينيون في الضفة الغربية صعوبات منذ فترة طويلة في الحصول على المياه. وتمارس السلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب حكما مدنيا محدودا في مناطق من الضفة ولا بد أن تحصل على موافقة إسرائيل على تطوير البنية التحتية للمياه أو توسيعها.
ويقول مسؤولون فلسطينيون وجماعات حقوقية إن إسرائيل نادرا ما توافق.
وقالت منظمة بتسيلم في تقرير أصدرته في أبريل/نيسان 2023 إن الفلسطينيين يواجهون أزمة مياه مزمنة، بينما يتمتع المستوطنون بوفرة في المياه.
وجاء في التقرير “نقص المياه في الضفة الغربية هو نتيجة مقصودة لسياسة تنطوي على تمييز تنتهجها إسرائيل التي تعتبر المياه وسيلة أخرى للسيطرة على الفلسطينيين”.
وفي أنحاء الضفة الغربية، تنتشر خزانات المياه في منازل الفلسطينيين، حيث يجري تخزين مياه الأمطار أو المياه التي تصل بالشاحنات بسبب شبكة مياه لا يمكن الاعتماد عليها بالفعل، والتي زادتها هجمات المستوطنين سوءا.
وقالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق، وهي الوكالة العسكرية الإسرائيلية التي تشرف على السياسة في الضفة الغربية وقطاع غزة، ردا على أسئلة رويترز، إن السلطة الفلسطينية هي المسؤولة عن تزويد الفلسطينيين في الضفة الغربية بالمياه. وقالت الوحدة إن إسرائيل تنقل 90 مليون متر مكعب من المياه إلى السلطة الفلسطينية كل عام، ملقية باللوم في أي نقص في المياه على سرقة الفلسطينيين للمياه.
وإلى جانب قطع مسافات طويلة لجلب المياه، أصبح الفلسطينيون يعتمدون على شحنات المياه المكلفة لإدارة أزمة المياه المزمنة التي يخشون أن تتفاقم.