أزمة إيران والعراق تختبر صمود السوداني في مواجهة الضغوط
على خلفية تسمية بغداد ‘الخليج العربي’ بدلا من الخليج الفارسي في ما يتعلق بالدورة الحالية الخامسة والعشرين من كأس الخليج التي تستضيفها البصرة (جنوب العراق) تختبر أزمة بين إيران والعراق، مدى صمود رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الذي ينحدر من الإطار التنسيقي الموالي لطهران، في مواجهة الضغوط الإيرانية.
ويدرك السوداني أن إيران قوة مؤثرة في المعادلة السياسية العراقية وقد تدفعه خارجها سريعا في حال قاوم طلباتها وهي التي تراهن على قوى الإطار التنسيقي لتعزيز نفوذها وتغلغلها في مفاصل الدولة.
وسبق لقادة في الإطار التنسيقي أن لوحوا برفع الغطاء السياسي عن السوداني ما لم يعد لمرجعية الإطار في التعيينات وقرارات بعينها، ما يشير إلى أن رئيس الوزراء قد يكون واجهة لحكم القوى الموالية لإيران وهو الذي يحاول أن ينأى بنفسه عن التأثيرات الخارجية على سلطة قراره.
لكن بالنتيجة يجد نفسه عالقا في مأزق حماية السيادة العراقية وعدم إغضاب إيران وهي معادلة توازن تبدو صعبة بالنظر لتشابك المصالح الإيرانية العراقية السياسية والاقتصادية.
وفي أحدث علامة على الغضب الإيراني وإلى أي مدى يمكن أن تذهب طهران في مقارعة السوداني وحكومته، احتجت إيران لدى العراق على استخدام مصطلح “الخليج العربي” لدى استضافته النسخة الخامسة والعشرين من كأس الخليج (خليجي 25).
وفق ما أعلن وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان الأربعاء، بينما اعتبر التيار الصدري الذي أثار بدوره غضب طهران باستخدامه مصطلح ‘الخليج العربي’ بدلا من ‘الخليج الفارسي’ الذي تتمسك به الجمهورية الإسلامية، أن الاحتجاج الإيراني، رسالة “خاصة للموالين من جمهورية “قومية أزعجها التقارب الخليجي”.
وتقام البطولة التي انطلقت الجمعة في مدينة البصرة، مرة كلّ عامين تحت مسمّى رسمي هو ‘كأس الخليج العربي’ وتشارك فيها دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان)، إضافة إلى اليمن والعراق الذي يستضيفها للمرة الأولى منذ انطلاقها في 1979.
ويثير مصطلح ‘الخليج العربي’ حساسية قديمة في إيران التي تؤكد أن ‘الخليج الفارسي’ هي التسمية التاريخية لهذه المساحة المائية الفاصلة بينها وبين دول شبه الجزيرة العربية.
وقال أمير عبداللهيان “تم استدعاء السفير العراقي إلى الخارجية بعد استخدام السلطات العراقية مصطلحا وهميا بدلا من الخليج الفارسي وعكسنا حساسية الشعب الإيراني العظيم تجاه استخدام المصطلح الدقيق والكامل للخليج الفارسي إلى الجانب العراقي”، وفق ما نقلت وكالة ‘إرنا’ الرسمية.
وأضاف “على الرغم من أن علاقات إستراتيجية وأخوية وعميقة تربطنا بالعراق، فقد أعربنا بوضوح عن احتجاجنا على هذا الموضوع” لدى استدعاء السفير قبل ثلاثة أيام.
ويتكرر الجدل بين طهران وجيرانها العرب حول تسمية الخليج. واحتجت طهران مرارا خلال الأعوام الماضية على استخدام دول أو منظمات تسمية ‘العربي’ لدى الإشارة إلى الخليج.
ففي بداية 2010، قررت إيران حظر مجالها الجوي أمام الشركات التي لا تعتمد مصطلح ‘الخليج الفارسي’ في الخرائط على شاشات طائراتها.
وفي يناير من العام ذاته، ألغى الاتحاد الرياضي لمنظمة المؤتمر الإسلامي الذي يتخذ من الرياض مقرا له، دورة كانت مقررة بعد أشهر في طهران لأن الأوسمة تحمل رسما كتبت عليه عبارة ‘الخليج الفارسي’.
وفي 2012، لوّحت طهران برفع دعوى قضائية على محرك البحث غوغل لعدم استخدامه عبارة ‘الخليج الفارسي’.
رد من التيار الصدري
وردا على الإجراء الإيراني، اعتبر اليوم الأربعاء التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، أن استدعاء الخارجية الإيرانية للسفير العراقي ليس إلا رسالة للموالين لطهران للتحرك لشن حملات ضد تسمية الخليج العربي. مضيفا أن التقارب الخليجي بات يزعج الايرانيين.
ونقل موقع وكالة شفق نيوز العراقي الكردي عن القيادي في التيار الصدري عصام حسين قوله إنه “لا يوجد أي مبرر لقيام إيران باستدعاء السفير العراقي لدى طهران”. مضيفا “هذا الأمر يعتبر ضوء أخضر لأنصار وموالي إيران في العراق لشن حملات ضد تسمية الخليج العربي، في بطولة خليجي 25 المقامة في محافظة البصرة”.
وتابع “إيران منزعجة جدا من قضية الاندماج ما بين الشعب العراقي وشعوب دول الخليج العربي، فهي لا تريد هذا التقارب خشية من زيادة الرحلات السياحية مستقبلا وتطور الأمور إلى القضايا الاقتصادية والاستثمارية ولهذا هي تشن هجمات وتصعد بشكل يومي ضد هذا الأمر من خلال الاعتراض على تسمية الخليج العربي”.
وقال أيضا إن “إيران لديها مشاكل مع دول الخليج العربي ولهذا هي لا تريد أي تقارب ما بين العراق وهذه الدول ولا تريد اندماج العراقيين مع الشعوب العربية، فهي تريد أن يبقى العراق يتبعها في سياستها الخارجية”.
واختتم بالقول “إيران على مدى 40 عاما تقول هي جمهورية إسلامية، لكن الاعتراض اليوم على تسمية الخليج العربي بدل الخليج الفارسي، يدل على أنها جمهورية قومية، وليس إسلامية”.
وكان البرلمان الإيراني قد انتقد بشدة في الثامن من يناير كلا من رئيس الوزراء العراقي وزعيم التيار الصدري بلغة بدى فيها كثير من الاستعلاء على خلفية تصريحات بشأن بطولة كأس الخليج بنسختها الـ25 التي تستضيفها البصرة، وذكرا فيها مصطلح ‘الخليج العربي’ والتي تعترض عليها إيران بشدة.
وطالب البرلمان الإيراني مقتدى الصدر بالاعتذار عن استخدام لفظ الخليج العربي بدلا من الخليج الفارسي، بينما قال الأخير إن سبب انزعاج إيران هو أنها لا تريد تقاربا بين العراق ومحيطه الخليجي والعربي.