احتجاجات إيران… ارتفاع قتلى وتعطيل المدارس
بتصعيد جديد شمل إغلاق الأسواق والشركات دخلت الانتفاضة التي اندلعت في إيران عقب وفاة الشابة مهسا أميني، أسبوعها الرابع.
ونقلت الصحف المحلية والحكومية تقارير عن إغلاق الأسواق والشركات في مختلف المدن. محذرة من استمرارها، فيما ارتفع عدد القتلى في صفوف المتظاهرين ورجال الشرطة مع اتساع رقعة الاحتجاجات.
والسبت، في أول يوم عمل من الأسبوع في إيران، بالإضافة إلى مظاهرات الشوارع، أغلقت الأسواق في العاصمة طهران وعدة مدن أخرى منها سنندج وشيراز، بعد مطالبات من النشطاء من التجار بدعم المحتجين من خلال إغلاق متاجرهم.
بينما صعدت صحيفة “كيهان” التابعة للمرشد علي خامنئي، اليوم الأحد، من لغة خطابها ضد المتظاهرين ووصفتهم بـ “الأعداء” وكتبت أنهم “يكافحون من أجل إغلاق دورة الاقتصاد والتعليم في البلاد”.
كما أطلقت الصحيفة المقربة من آراء المرشد علي خامنئي، على المتظاهرين اسم “دواعش” و “إرهابيين مأجورين”، ومثلها مثل عدد آخر من الصحف المحلية.
وكتبت وسائل إعلام حكومية، في شرح سبب إغلاق سوق طهران قولهم: “فضل العديد من رجال الأعمال إنهاء عملهم في وقت أبكر من الأيام السابقة من أجل إنقاذ حياتهم وممتلكاتهم”.
احتجاجات ليلية
إلى ذلك، خرجت مساء السبت، احتجاجات واسعة النطاق في محيط السوق، رافقتها شعارات قاسية ضد حكومة وقيادة النظام.
ووقعت مواجهات بين قوات الشرطة والمتظاهرين بجوار كشك للشرطة في سوق طهران، فيما تحدثت تقارير اليوم عن إغلاق أسواق العاصمة، كما انطلقت الاحتجاجات بشكل رئيسي في أسواق مدن كردستان غرب إيران، فيما زعم مسؤولون حكوميون في إيران أن سبب الاحتجاجات في الأسابيع الأربعة الماضية كان “تحريض عملاء أجانب” على “زعزعة استقرار” هذا البلد.
وكشفت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) عن التأثير السلبي للاحتجاجات على سوق الأوراق المالية (البورصة)، وكتبت فيه أن المساهمين “شعروا بعدم الأمان وتركوا السوق”.
كما حذرت صحيفة إيران، وهي جهاز حكومي، من أن الاحتجاجات الأخيرة وضعت سوق السيارات في مأزق، مؤكدة أن سعر السيارة إما “ظل ثابتًا” أو “انخفض”.
قتلى الأمن
بدوره، كشف العميد حسين أشتري، قائد الشرطة الإيرانية، اليوم الأحد، عن مقتل ثلاثة من عناصر قوات الأمن في الاحتجاجات بعدد من المدن الليلة الماضية.
وذكر العميد حسين أشتري لوكالة أنباء “إيلنا”، أن اثنين من القتلى من “ضباط الكادر” والآخر “متعاون كشرطي فخري”، ولم يوضح المكان الذي قتل فيه العناصر الأمنية.
كما أعلنت وكالة أنباء “تسنيم” التابعة للحرس الثوري الإيراني، عن مقتل أحد عناصر قوات الباسيج خلال احتجاجات الليلة الماضية في مدينة سنندج عاصمة محافظة كردستان غرب إيران.
وكانت قوات الشرطة بدعم من الباسيج والحرس الثوري الإيراني، تولت مسؤولية قمع الاحتجاجات في الأسابيع الثلاثة الماضية التي بدأت بوفاة مهسا أميني عقب اعتقالها بأيدي شرطة الاخلاق في طهران منتصف أيلول/سبتمبر الماضي.
وفي وقت سابق، أعلن الحرس الثوري مقتل عدد من أعضائه، من بينهم قائد مخابرات الحرس الثوري في سيستان وبلوشستان “علي موسوي”.
إغلاق مدارس كردستان
ومع استمرار الاحتجاجات، أغلقت الحكومة الإيرانية مدارس محافظة كردستان يوم الأحد، بحسب وكالة “إيرنا”.
وزعمت الوكالة إن “سبب إغلاق المدارس في إقليم كردستان هو المولد النبوي”، بينما لم يتم الإعلان عن هذا الأمر من قبل، كما أن التقويم الرسمي الإيراني لا يتضمن اليوم عطلة رسمية على مدى السنوات الماضية.
وكانت مدن مختلفة في كردستان، الليلة الماضية، مسرحاً لاحتجاجات شعبية، ورافقت هذه الاحتجاجات إطلاق نار وعنف من قبل رجال الأمن، ونشرت حتى الآن أنباء عن سقوط قتلى وجرحى لعدد من المواطنين.
ومع وفاة مهسا أميني، الفتاة الكردية، كانت مدن كردستان الإيرانية مسرحًا لاحتجاجات في الشوارع وإضرابات لأصحاب المتاجر.
وتشير التقارير إلى أن عناصر الأمن أطلقوا النار مباشرة على المتظاهرين، في سنندج، وشهدت المدينة أعنف الاشتباكات بين المتظاهرين ورجال الشرطة.
وتُظهر مقاطع الفيديو التي التقطها أشخاص على هواتفهم أن المتظاهرين يهاجمون الضباط ويجبرونهم على الهرب.
وبسبب قيود الإنترنت وانعدام حرية الإعلام، لا توجد صورة كاملة لما يحدث في المدن الإيرانية، إلا أن شهادات المواطنين تشير إلى أجواء مضطربة ومتوترة في العديد من المدن، بما في ذلك سقز وشيراز وأصفهان وهمدان، وكاشان ومشهد.
طهران مضطربة
وعاشت مناطق مختلفة من طهران ليلة مضطربة مساء السبت، وخرجت مظاهرة كبيرة في نازي آباد جنوب المدينة، حيث هتف المواطنون “الموت للديكتاتور”.
وتشير التقارير الواردة من طهران إلى أن السوق الرئيسية للعاصمة جنوب المدينة هو مسرح لاحتجاجات المواطنين وإضرابات بعض الشركات.
وتظهر مقاطع الفيديو أيضًا أن المتظاهرين أغلقوا شارع فردوسي في طهران مع شعارات مناهضة للنظام الإيراني، فيما أفادت التقارير بوجود أعداد كبيرة من القوات العسكرية في العاصمة.
وهاجم المتظاهرون أحد أكشاك الشرطة في شارع خرداد وأضرموا فيه النيران.
وفي التقرير الجديد لمنظمة هيومن رايتس ووتش، تم التأكيد على أن استخدام البنادق لتفريق المتظاهرين يتعارض مع إرشادات الأمم المتحدة في هذا المجال.
وتطلق هذه البنادق عددًا كبيرًا من الطلقات دفعة واحدة، والتي لا يمكن أن تكون قاتلة فحسب، بل يمكن أن تصيب الكثيرين بجروح، ويقال إن استخدام هذه الأسلحة أدى إلى عمى عدد من المتظاهرين.
الاحتجاجات تصل مدنا أخرى
وقالت شبكة حقوق الإنسان في كردستان إن مظاهرات مساء السبت مستمرة في مدن سنندج وكرج وماهاباد وبوكان وجافانرود وكامياران.
كما ذكرت الشبكة أن شخصين قتلا وأصيب 57 آخرون خلال تلك المظاهرات.
وفي مدينة مشهد الواقعة شمال شرق إيران وثاني أكبر المدن بعد طهران، خرج عدد كبير من المواطنين المحتجين إلى الشوارع، وانتشرت أنباء عن اشتباكات عنيفة في هذه المدينة.
وتظهر الصور الواردة من المدينة أن المتظاهرين أغلقوا الشارع وحراس مكافحة الشغب يهاجمونهم ويرشقونهم بالحجارة، كما سمع دوي إطلاق نار.
وقال شاهد عيان لبي بي سي باللغة الفارسية إن الاحتجاجات والاشتباكات في مشهد أكثر حدة مما كانت عليه في الأيام الماضية.
وفي مظاهرة احتجاجية في أصفهان وسط إيران، هتف المتظاهرون شعار “المرأة، الحياة، الحرية”.
وفي جوهردشت، هتف الناس في تجمع كبير: “إيراني مع الحماسة، داعم”.
كما تشير التقارير الواردة من مدينة جافانرود بمحافظة كرمانشاه إلى وجود احتجاجات، بينما ذكرت شبكة حقوق الإنسان في كردستان أن جافانرود تعرضت لحراسة أمنية مشددة.
وتم نشر مقطع فيديو من شيراز مركز محافظة فارس جنوب إيران يظهر إغلاق العديد من المحلات التجارية في هذه المنطقة من مدينة شيراز.
كما استمرت الاحتجاجات في الجامعات والمدارس، وذكرت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية أن مسيرات احتجاجية نُظمت في 36 جامعة، يوم السبت.
رد حكومي
وفي ظل الاحتجاجات المتزايدة، تحدث محسن منصوري، محافظ طهران، عن “أوجه قصور في البنية التحتية الأمنية” في العاصمة.
وقال منصوري، الأحد، لوكالة أنباء الطلبة “إيسنا”: “في مجموعة الأجهزة الأمنية، البنية التحتية الموجودة غير مستجيبة وهناك أوجه قصور، لكن قوة الشرطة استطاعت توفير الأمن على مدار الساعة والعمل الثوري”.
وأوضح أنه بعد الاحتجاجات الأخيرة في إيران، “لم يعد بعض أفراد الشرطة إلى ديارهم منذ عدة أيام وكانوا متواجدين باستمرار”.
وقال اللواء محمد باقري، رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، عن الاحتجاجات الحالية ، “لقد خلق الأعداء مؤامرة كبيرة وفتنة ضد الثورة الإسلامية بحجة صغيرة”.
وأضاف باقري لمجموعة من الجنود في القيادة العامة للقوات المسلحة أن “الأعداء خدعوا بعض شباب ومراهقي البلاد من خلال خلق الغموض والكذب في الفضاء السيبراني، وهؤلاء المخدوعون قد يواصلون طريق الشغب بتحريض المرتزقة”.
والليلة الماضية اجتمع الرئيس الإيراني مع رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، ورئيس القضاء الإيراني غلام حسين محسني إيجي، مجددا في مكتب الرئاسة.
وبحسب تقارير إعلامية رسمية في نهاية هذا الاجتماع، قال رؤساء القوى الثلاث في بيان إن: “أعداء هذه الحدود والمنطقة، وليس الجمهورية الإسلامية، الذين يعتبرون إيران موحدة وقوية تهديدًا لمصالحهم، يحتاجون إلى يقظة أهل البلد الحكيمين في الوقت المناسب لفهم التخطيط المكثف للأعداء وقد قدروا تحييد المؤامرات المعادية”.
