المنتخب الإيراني يمتنع عن ترديد النشيد الوطني في مونديال قطر
في حركة دعم للاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ منتصف سبتمبر امتنع لاعبو المنتخب الإيراني اليوم الاثنين عن ترديد النشيد الوطني لبلادهم قبل مباراة مع منتخب انكلترا.
وقد اعتقلت السلطات الإيرانية في الفترة الأخيرة شخصيات رياضة وممثلين على خلفية دعمهم للحراك الشعبي ومن المتوقع أن يتعرض لاعبو منتخبها لعقوبات وربما للاعتقال فور عودتهم.
وخسر المنتخب الإيراني في مواجهة نظيره الانكليزي 6 مقابل 2 في هزيمة قاسية قد يستثمرها النظام الإيراني لتضييق الخناق على اللاعبين بمجرد عودتهم لطهران.
وصمت كل عناصر التشكيلة الأساسية لإيران المكونة من 11 لاعبا أثناء عزف النشيد الوطني في استاد خليفة الدولي.
بينما تفاعلت جماهير المونديال مع هذه الحركة التضامنية والتي تشكل في توقيتها ورمزيتها ضغوطا متزايدة على النظام الديني الذي يحكم قبضته على الحكم منذ أكثر من أربعة عقود.
وسبق لرجال الدين في إيران وفي مقدمتهم أعلى علي خامنئي أعلى مرجعية دينية وسياسية في البلاد أن وصفوا المتضامنين مع المحتجين بـ”الخونة”. بينما يردد النظام باستمرار أن الاحتجاجات التي تشهدها البلاد مؤامرة خارجية، متهمة الولايات المتحدة وإسرائيل. وتنظيمات طردية إيرانية وأيضا السعودية، بتأجيجها.
وحذر نشطاء من أن إيران إحدى الدول الأكثر تطبيقا لعقوبة الإعدام في العالم. تخطط لاستخدامها اليوم أداة لقمع الحركة الاحتجاجية عبر إشاعة مناخ من الخوف.
وثبّت القضاء حتى الآن ستة أحكام إعدام على صلة بالاحتجاجات، بينما ذكرت منظمة العفو الدولية بأنه بناء على تقارير رسمي. تجري محاكمة 21 شخصا على الأقل بتهم مرتبطة بجرائم قد تفضي إلى إعدامهم.
وتُعدم إيران سنويا في الوقت الحالي عددا أكبر من الأشخاص مقارنة بأي دولة أخرى باستثناء الصين، بحسب مجموعات حقوقية.
وتفيد منظمة العفو الدولية بأن إيران أعدمت 314 شخصا على الأقل في 2021، بينما تشير منظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها النرويج إلى أن عدد الإعدامات هذه السنة بات أعلى بكثير منذ الآن إذ بلغ 482 شخصا.
ويحذّر ناشطون من أن السلطات تخطط لإعدام متظاهرين اثر تهم غامضة مرتبطة بأعمال الشغب والهجمات المفترضة على قوات الأمن خلال التظاهرات ولزيادة الإعدامات التي لا علاقة لها بالحركة الاحتجاجية، خصوصا لسجناء مدانين بتهم تتعلّق بالمخدرات.
وأفادت منظمة العفو بأن استخدام السلطات عقوبة الإعدام “مصمم لترهيب المشاركين في الانتفاضة الشعبية.. وردع آخرين من الانضمام للحراك”.
وأكدت أن الإستراتيجية تهدف إلى “إشاعة الذعر في أوساط الناس”، بينما أدانت “التصعيد المثير للذعر في استخدام عقوبة الإعدام أداة للقمع السياسي والانتهاك الممنهج لحقوق المحاكمة العادلة في إيران”.
وفي خطوة لافتة، امتنعت السلطة القضائية الإيرانية عن نشر أسماء المدانين الستة الذين حُكم عليهم بالإعدام، في ما يعتقد أنها محاولة لتجنّب استخدام المحتجين أسمائهم خلال التظاهرات أو انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأدينوا جميعا إما بتهمة “محاربة الله” أو “الإفساد في الأرض”. وهي جرائم تحمل عادة العقوبة القصوى في إيران والتي لطالما عبّر الناشطون الحقوقيون عن قلقهم من استخدامها ضد معارضي النظام.
لكن منظمة العفو الدولية تفيد بأن طبيعة التهم تتيح استنتاج أسماء المحكومين حتى الآن. ومن بين هؤلاء محمد غوبادلو وهو شاب أصدرت والدته مناشدة مؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي للمطالبة بالحفاظ على حياة ابنها.
ومن بين الأشخاص الـ21 الذين يواجهون عقوبة الإعدام امرأة عرّفت عنها منظمة العفو على أنها فرزانة غاري حسنلو وزوجها حميد، وهو طبيب.
ويواجه آخرون عقوبة الإعدام بينهم سامان صيدي المعروف أيضا باسم سامان ياسين. وهو مغني راب في طهران متحدر من الأقلية الكردية أيّد الاحتجاجات على وسائل التواصل الاجتماعي ويواجه تهمة إطلاق النار في الهواء وتقويض الأمن القومي.
وتطالب المجموعات الحقوقية المجتمع الدولي بالتحرّك بشكل منسّق لمنع تنفيذ عمليات الإعدام. خصوصا وأن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة سيعقد جلسة. خاصة نادرة من نوعها لبحث ملف إيران الخميس.
ولاحظ الناشطون بالفعل زيادة مقلقة في عمليات الإعدام هذه السنة حتى قبل انطلاق الحركة الاحتجاجية. إذ عاودت إيران إعدام أعداد كبيرة من المدانين بتهم تتعلّق بالمخدرات رغم الخطوات الأخيرة للحد من هذا النوع من عمليات الإعدام.
كما تشتكي مجموعات حقوقية من أن أعدادا كبيرة بشكل غير متناسب من أفراد الأقليات العرقية في إيران يتم إعدامهم، بما في ذلك الأكراد. لكن خصوصا البلوش المتحدرّين من جنوب شرق البلاد الذي يعاني من الفقر.
وقال مدير منظمة حقوق الإنسان في إيران محمود أميري مقدّم أمام المؤتمر العالمي. لمناهضة عقوبة الإعدام في برلين “ما لم يبعث المجتمع الدولي رسالة قوية جدا جدا إلى سلطات الجمهورية الإسلامية. فسنواجه عمليات إعدام واسعة النطاق”.
مضيفا “ليس عن الإعدامات السياسية فحسب. بل تلك التي تؤثر على من ليست لهم صفة سياسية، خصوصا بتهم تتعلّق بالمخدرات”.
وتحوّلت الاحتجاجات التي أثارتها وفاة مهسا أميني التي أوقفتها شرطة الأخلاق في طهران إلى أكبر تحد يواجه السلطات منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
ووصفت السلطات في إيران معظم الاحتجاجات بأنها “أعمال شغب”. بينما أكد رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي بأن الأشخاص الذين يخضعون للمحاكمة “ارتبطوا بأفراد مناهضين للثورة” وستتم معاقبتهم “وفق القانون”.
وفي وقت سابق هذا الشهر، صوّت 227 من النواب الإيرانيين البالغ مجموعهم 290 لصالح إجراء يحض على استخدام عقوبة الإعدام بحق المدانين على صلة بالتظاهرات. داعيا القضاء إلى تطبيق العدالة بموجب مبدأ “العين بالعين”.
وشهد العام الماضي بالفعل تعبئة ضد استخدام عقوبة الإعدام. بينما انتشر وسم على وسائل التواصل الاجتماعي يطالب بوقف الإعدامات.
ومن بين الأشخاص الذين يقبعون في السجن حاليا المخرج محمد رسولوف الذي تم توقيفه قبل الاحتجاجات. ونال جائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي عام 2020 عن فيلمه المناهض لعقوبة الإعدام “لا وجود للشيطان”.
وقال أميري مقدّم إن “الجمهورية الإسلامية استخدمت عقوبة الإعدام للمحافظة على حاجز الخوف على مدى 43 عاما”. مضيفا أن “الاحتجاجات الحالية شهدت انهيار هذا الحاجز. الذي تحاول السلطات الإيرانية الآن إعادة بنائه مع القمع وأحكام الإعدام الحالية”.