بسبب ممارساتها في ليبيا.. مصر توقف الحوار مع تركيا
صرح وزير الخارجية المصري سامح شكري، مساء الجمعة عن توقف الجلسات الاستكشافية المشتركة بين بلاده وتركيا بعد انعقاد جولتين منها، لأنه “لم يطرأ تغيير على ممارسات الجانب التركي في ليبيا”.
حيث قال شكري في تصريحات لقناة “العربية” السعودية، مساء الجمعة إن القاهرة أجرت جلستين استكشافيتين مع تركيا في الشهور القليلة الماضية. وذلك في إطار محاولة البلدين تقريب وجهات النظر في ملفات مختلفة.
وتابع “لم يتم استئناف مسار المباحثات مع تركيا، لأنه لم تطرأ تغيرات في إطار الممارسات من قبل تركيا”. مشيرا إلى أن “الأمر يرجع مرة أخرى إلى ضرورة الالتزام بالمعايير والقواعد الدولية”.
وتابع أن “من الأمور التي تثير القلق عدم خروج القوات الأجنبية من ليبيا حتى الآن وعدم اتخاذ إجراءات حاسمة لتحقيق هذا الهدف، مشيراً إلى أن ذلك يبرهن على أن المجتمع الدولي يعمل لتحقيق المصالح وليس لاعتماد مبادئ يجب أن تكون راسخة في إدارة العلاقات الدولية.
ويرى مراقبون أن الإعلان المصري عن توقف المشاورات بمثابة رد على تركيا لتوقيعها مذكرة تفاهم جديدة في طرابلس مع حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة بشأن التنقيب عن الغاز والنفط في مياه البحر المتوسط.
وكانت المذكرة قد أثارت غضب مصر واليونان اللتان أعلنتا طعنهما فيها، واتفقتا على التنسيق للرد عليها، حيث يعارض البلدان أيّ نشاط تركي في مناطق متنازع عليها في شرق البحر المتوسط.
ويرى مراقبون أن هناك عدة مؤشرات توحي بأن العلاقات بين البلدين قد تشهد تراجعا، من بينها تأكيد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في وقت سابق من الشهر الحالي، على موقف مصر الثابت من الصراع في شرق المتوسط، وضرورة التزام جميع الدول وباحترام القانون الدولي واتفاقيات الأمم المتحدة، خاصة مبادئ عدم التدخل واحترام السيادة والمياه الإقليمية للدول الأخرى.
ورغم أن السيسي لم يذكر تركيا بشكل صريح، لكن الأمر واضح تماماً لكل من يتابع هذا الملف، ويحمل رسالة قوية لتركيا تختلف إلى حد ما عن الموقف الأكثر ليونة الذي اتخذته مصر تجاه قضية البحر المتوسط في الأشهر الثلاثة الماضية.
وتعيد مذكرة التفاهم الجديدة السخونة الإقليمية في التعامل مع الأزمة الليبية وتدفع مصر إلى التخلي عما يوصف بـ”الاسترخاء” في التعامل معها، والذي قام في جزء منه على أن الصدام مع تركيا مستبعد، حيث بدت الأخيرة محافظة على الخط الأحمر العسكري الذي رسمه الرئيس المصري بشأن سرت – الجفرة، مستعيضة عنه بتسلل ناعم لا يغضب القاهرة كثيرا.
وتوترت العلاقات بين تركيا ومصر عام 2013، وتبادلا سحب السفراء، إلا أن سفارتي البلدين لم تغلقا أبوابهما، واستمرتا في العمل على مستوى القائم بالأعمال، وبمستوى تمثيل منخفض طوال الأعوام الماضية، بسبب الموقف التركي من سقوط حكم الإخوان في مصر، ودعمه الجماعة التي أعلنتها السلطات المصرية تنظيماً إرهابياً، وعلى المستوى التجاري والاقتصادي ظل التبادل والتعاطي قائماً بين البلدين.
لكن منحنى الخلاف الثنائي انخفض بعد ذلك، حيث أوقفت تركيا عمل بعض المحطات التلفزيونية التي تبث من أراضيها ويديرها داعمون ومنتمون لجماعة الإخوان المسلمين، وأجريت “مباحثات استكشافية” على مستوى وزيري الخارجية في القاهرة مايو 2021 وبعدها بأربعة أشهر في أنقرة، لم تسفر سوى عن بيانات مقتضبة حول بحث القضايا الإقليمية.
ومنذ ذلك الحين، أي على مدار أكثر من عام، توقفت اللقاءات الرسمية، وبدا التردد في خطوات البلدين تجاه الآخر، إذ أعلن وزير الخارجية التركي في أبريل (نيسان) الماضي عن زيارة قريبة من نظيره المصري إلى تركيا، لكنها لم تتم.
ولم يرفع أي من البلدين مستوى التمثيل الدبلوماسي عن مرتبة القائم بالأعمال، وهو المستوى المعمول به منذ تبادلت الدولتان سحب السفراء في ديسمبر 2013، وجاءت الاتفاقيات التركية الأخيرة مع حكومة الدبيبة لتضيف مزيداً من التعقيدات لذلك الملف.