سياسة

الانقسامات في مجلس الحرب الاسرائيلي لا تغير من مسار الحرب على غزة


 

دخلت الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة يومها المئة الأحد، ومازالت الآمال بعيدة عن وقف إطلاق النار، مع إعلان الجيش الاسرائيلي إنه يريد زيادة الضغط العسكري على حركة حماس، وسط التوترات داخل مجلس الوزراء الحربي وضغوط عائلات الرهائن على الحكومة للعمل على إطلاق صراح ذويهم لدى حماس.

وأعلن رئيس الأركان العامة الإسرائيلي، هرتسي هاليفي”لقد وافقنا على خطط من جانب القيادة الجنوبية، للاستمرار في أعمال القتال وزيادة الضغط العسكري على حماس، حيث سيؤدي الضغط الذي إلى تفكيك حماس وعودة الرهائن”، مضيفا أن “هذا الضغط، وهو فقط، الذي نجح في إعادة الكثير من الرهائن”.

في المقابل، قالت هيئة البث الإسرائيلية وقناة “12”، إن التوترات داخل مجلس الوزراء الحربي تتزايد، حيث غادر وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت المناقشة الوزارية، مساء السبت، بسبب عدم الموافقة على بقاء مدير مكتبه من الحضور، مطالباً رئيس الوزراء بـ”عدم التشويش على عمله”. داخل الحكومة.

وهذه ليست المرة الأولى التي يطفو فيها الخلاف على السطح، فمطلع الشهر الجاري رفض غالانت الخروج في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس حكومته، من أجل الحديث عن تطورات الحرب في غزة.

وخلال الشهور الأخيرة، تطرق الإعلام العبري مراراً إلى خلافات مستمرة بين غالانت ونتنياهو، تتعلق بكيفية إدارة الحرب على قطاع غزة وما بعد الحرب، إضافة إلى محاولات نتنياهو المتكررة تحميل الجيش مسؤولية الحرب على قطاع غزة.

رئيس أونروا فيليب لازاريني: جسامة الموت والدمار والتهجير والجوع والخسارة والحزن في الأيام المئة الماضية تلطخ إنسانيتنا المشتركة.

والأحد الماضي، اشتكى نتنياهو مما وصفه بـ”وباء التسريبات” الذي تعاني منه حكومته المتطرفة، مطالباً بإقرار مشروع قانون لإجراء اختبار “كشف الكذب” للمسؤولين المشاركين في النقاشات والاجتماعات الحكومية.

وقال نتنياهو خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته “لدينا وباء من التسريبات، ولست مستعداً للاستمرار على هذا النحو إنها ظاهرة لا تطاق، ولا أعرف أي بلد في العالم يحدث فيه هذا”، وفقاً لما نقلته القناة “12” الإسرائيلية.  وأضاف: “لذلك، وجهت بترويج قانون ينص على أن كل من يحضر مناقشات حكومية أو أمنية، سيخضع لجهاز كشف الكذب”.

ووفقاً للقناة العبرية، فإن نتنياهو أوعز إلى رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، للبدء في ترويج مشروع قانون “كشف الكذب”؛ لكي يتم إلزام جميع الوزراء الذين يحضرون اجتماعات مجلس الوزراء المصغر “الكابينت” والمناقشات الأمنية، الخضوع لاختبار “كشف الكذب” بشكل دوري.

ويأتي ذلك عقب تسريب خلافات حادة بين قادة الاحتلال الإسرائيلي الأسبوع الماضي، حيث شهد اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي نشوب خلاف بين نتنياهو وغالانت؛ بسبب منع رئيس الحكومة المتطرفة رئيسي “الموساد” و”الشاباك” من حضور جلسة لحكومة الحرب، وفقاً للقناة “12” العبرية.

ويشن الجيش الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حرباً مدمرة على قطاع غزة خلّفت حتى السبت، 23 ألفاً و843 شهيداً و60 ألفاً و317 إصابة معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة”، وفقاً لسلطات القطاع والأمم المتحدة.

وقال رئيس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني الذي يزور المنطقة الساحلية، إن “جسامة الموت والدمار والتهجير والجوع والخسارة والحزن في الأيام المئة الماضية تلطخ إنسانيتنا المشتركة”.

وأكد أيضا أن جيلا كاملا من أطفال غزة يعاني من “صدمة نفسية، والأمراض مستمرة في الانتشار والمجاعة تلوح في الأفق”.

واحتُجز نحو 250 شخصا رهائن خلال الهجوم، كما تقول اسرائيل التي تؤكد أن 132 منهم ما زالوا في غزة. وتأكد مقتل 25 منهم. وأُطلق سراح نحو مئة رهينة خلال هدنة في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين تعتقلهم اسرائيل، بموجب اتفاق توسطت فيه قطر.

وواصل الجيش الإسرائيلي السبت قصف قطاع غزة حيث قُتل ستون شخصا على الأقل، حسب وزارة الصحة التابعة لحركة حماس. وأعلن الجيش إنه قصف عشرات من مواقع حماس بما في ذلك قاذفات صواريخ “جاهزة للاستخدام” و”مركز قيادة” لحماس في وسط قطاع غزة. كما ذكر أنه قتل أربعة “إرهابيين”  في ضربات جوية على خان يونس كبرى مدن جنوب القطاع، حيث يتركز القتال.

ولاحقا أعلن الأحد، مقتل جندي في صفوفه خلال معارك جنوبي قطاع غزة، ما يرفع حصيلة القتلى إلى 522 منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وقال الجيش في بيان “قتل المساعد احتياط اندوعالم كابيدة البالغ من العمر 21 عاماً من بلدة كريات غات (جنوب) أثناء المعارك الدائرة في جنوبي قطاع غزة الليلة الماضية”. وأضاف أن الجندي كان تابعا للواء “ساعر مجولان 7”.

واستنادا إلى معطيات الجيش الإسرائيلي المنشورة على موقعه، قتل 522 من ضباطه وجنوده خلال الحرب الدائرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بينهم 188 منذ انطلاق الحرب البرية في قطاع غزة في 27 من الشهر نفسه.

وفي مستشفى النجار في رفح، يحاول السكان التعرف على أحبائهم الذين مددوا على الأرض. وأمام صف الجثث، يعانق رجل رفات طفل صغير ملفوف بملاءة بيضاء. ويعرض بسام عرفة الذي نزح من مخيم البريج وسط القطاع الساحلي، صورة طفلة على شاشة هاتفه قائلا “هذه الطفلة الصغيرة ماذا فعلت لهم؟ ماتت جائعة وهي تحمل كسرة خبز”. وأضاف “هذه هي المقاومة التي يستهدفونها في غزة.. أطفال”.

وذكر صحافي في وكالة فرانس برس في رفح السبت أن الاتصالات عادت جزئيا غداة إعلان شركة الاتصالات الفلسطينية الرئيسية (بالتل)، عن انقطاع الخدمة. ولم تؤكد الشركة عودة الخدمة لكنها قالت إن غارة إسرائيلية أودت بحياة اثنين من موظفيها في خان يونس أثناء قيامهما بإصلاح الشبكة.

وتزيد موجة البرد والأمطار التي تهطل في المنطقة صعوبة الحياة اليومية للعائلات التي تخيم في ساحة مجمع النصر الطبي. وقالت نبيلة أبو زايد (40 عاما) بأسف “لكن إلى أين نذهب؟”.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 1.9 مليون شخص أو نحو 85 بالمئة من السكان، اضطروا إلى مغادرة منازلهم. ويلجأ كثيرون إلى رفح أو إلى مناطق أخرى في جنوب هذه المنطقة الصغيرة، بينما تكرر وزارة الصحة المحلية أنه لا تملك بنية تحتية لاستيعابهم.

واتهم المتحدث باسم الوزارة إسرائيل بـ”استهداف المستشفيات عمدا لإخراجها من الخدمة” محذرا من “تداعيات مدمرة” لذلك. ومع أن المستشفيات في المنطقة محمية بموجب القانون الإنساني الدولي. فقد تعرضت لقصف الجيش الاسرائيلي مرات عدة. إذ تتهم إسرائيل حماس باستخدام المستشفيات قواعد لها واستخدام المدنيين كدروع بشرية. وهو ما تنفيه الحركة الفلسطينية.

وذكرت منظمة الصحة العالمية أن أقل من نصف المستشفيات في قطاع غزة تعمل وجزئيا فقط. وفي إسرائيل، ما زالت عائلات الرهائن في حالة تعبئة من أجل عودتهم. محاولة الضغط على الحكومة عبر تحركات عملية أحيانًا ورمزية. وتجمع آلاف الأشخاص في تل أبيب السبت للمطالبة بالإفراج عن الرهائن.

وقال إيدان بيجيرانو (47 عاما) الذي شارك في التظاهرة. لفرانس برس “سنواصل المجيء إلى هنا الأسبوع تلو الآخر حتى يتم إطلاق سراح الجميع”. وفي مكان قريب تظاهر نحو مئة شخص أيضًا، لكن للمطالبة بإنهاء الحرب. رافعين لافتات كتب عليها “لا للاحتلال” و”الانتقام ليس نصرًا”.

لكن نتنياهو قال في مؤتمر صحافي في تل أبيب “لن يوقفنا أحد. لا لاهاي ولا “محور الشر” ولا أي شخص آخر”، في إشارة خصوصا إلى دعوى جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية. متهمة إسرائيل بارتكاب أعمال إبادة جماعية في غزة.

من جهته أكد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي .أن بلاده تخوض حربا “عادلة” للدفاع عن “حقها في العيش هنا بأمان”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى