سياسة

العراق.. صراع القوى السنية من أجل الزعامة


بالرغم من كل اللقاءات الودية التي لحقت إعلان نتائج الانتخابات بين رئيسي تحالفي «تقدم» محمد الحلبوسي، و«عزم» خميس الخنجر، فإن ذلك، في نظر معظم المراقبين المحليين، لا يعني إنعدام التنافس القوي بين التحالفين على أساس تربع رئيسيهما اليوم على قمة النفوذ السياسي داخل المكون السني بعد غياب أبرز القيادات السياسية التقليدية للمكون وتدهور دورها السياسي في السنوات الأخيرة، كنائب الرئيس السابق طارق الهاشمي، ورئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي، وغيرهم.

وفي السبت الماضي عقد إجتماع، بين الخنجر والحلبوسي بغية دراسة آخر المستجدات السياسية في البلاد والتشديد على ضرورة استيفاء الاستحقاقات الدستورية.

 حيث إن دلائل شتى توضح   حالة التنافس والصراع بين الرجلين ومن ورائهما الشخصيات والاتجاهات السياسية الموالية لهما. ومن أشد تلك الدلائل النجاح الأخير الذي أحرزه الخنجر في جلب 20 مرشحاً فائزاً في الانتخابات وإدماجهم بتحالفه ليبلغ عدد مقاعده 34، بعد أن كانت 14 مقعداً فقط.

 تمكن تحالف الخنجر وبالرغم عن كل ما يقال عن «الطرق المراوغة» والأموال التي تنفق لجلب بعض النواب لهذا التحالف أو ذاك، من تأمين قوة برلمانية (سنية) لا يقلل من شأنها، في مقابل قوة شريكه الحلبوسي في تحالف «تقدم» الذي لديه 37 مقعداً نيابياً. وبهذا يكون الاثنان على قدر المساواة تقريباً بالنسبة لادعاء تمثيل «المكون» أمام بقية الكتل والتحالفات الأخرى الشيعية والكردية.

إن مسألة النجاح بمنصب رئاسة البرلمان تمثل محور الصراع بين القوى السنية، تماشيا مع معظم الساسة والمراقبين المقربين من القوى السنية، لأنها في المحصلة تفضي إلى تكريس زعامة الطائفة لهذه الشخصية أو تلك.

 ويعتبر مصدر سياسي مقرب من كواليس القوى السنية في هذاالصدد، أن ثمة نوعين من النزاع داخل المكون السني؛ يكمن الأول في تأكيد أي التحالفين يمثل المكون، والثاني في أيهما أحق بتولي رئاسة البرلمان».

 ويؤكد المصدر نفسه أن الأساس الذي يحكم نزاع القوى السنية هو سعي كل طرف إلى الفوز بقيادة المكون، وبالتالي تحتيم أجندته على بقية الكتل في الظفر بمنصب رئاسة البرلمان التي سار العرف السياسي في العراق على إسنادها لشخصية سنية.

ولا ينفي المصدر قدرة التجديد للحلبوسي لولاية ثانية في رئاسة البرلمان بعد أن شغل المنصب في الدورة الماضية، متابعا أن تسوية سياسية ربما حدثت في وقت مبكر بين الحلبوسي والخنجر على يد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حين التقى بهما في أنقرة مطلع أكتوبر الماضي. 

إنه من السهل الاتفاق على طريقة تؤدي إلى ولاية برلمانية ثانية للحلبوسي في مقابل إسناد منصب نائب رئيس الجمهورية للخنجر». بالرغم من أن نتائج المفاوضات والتسويات المتعلقة بتشكيل الحكومة تشبه مباريات كرة القدم التي لا يمكن التكهن بنتيجتها إلا بعد صافرة الحكم.

ويرى المصدر أن هذه الطريقة فعالة في حال عدم معارضة صقور (تحالف عزم) من كبار الساسة السنة لذلك وتصميمهم على حرمان الحلبوسي من ولاية ثانية.

بدوره؛ جبار المشهداني يستبعد الكاتب والمحلل السياسي طريقة «رئاسة البرلمان مقابل نائب رئيس الجمهورية»، ويرى أن «(تحالف تقدم) يريد المنصب لرئيسه الحلبوسي حصراً، وإن فشل في هذا المخطط فسيرشح شخصاً آخر من محافظة الأنبار، لكن (تحالف عزم) يرغب في مرشح عن محافظة نينوى أو كركوك لأسباب مرتبطة بمستقبل علاقة التحالف مع إقليم كردستان ومصير كركوك».

ويقول المشهداني: نزاع القيادات السنية على منصب رئاسة البرلمان ليس لأهميته السياسية فقط؛ وإنما لأهميته الاجتماعية أيضاً، باعتبار أنها ستفرض نفسها على المكون كقيادة مفترضة. ويضيف أن الرغبة في زعامة المكون ربما لا تتعلق بالرغبة في النهوض بأوضاعه، بقدر الرغبة في الحصول على مزيد من الفوائد والمصالح والعلاقات.

 مضيفا أن «معظم الساسة يرفعون شعار الحاجة إلى زعامة سنية، والحال أن المواطنين السنّة بحاجة إلى أن يطمئنوا ويعاملوا كمواطنين مثل البقية. أظن أن مشكلة السنة أن ساستهم غالباً ما يذهبون بهم إلى التخندق الطائفي، والتخندق حصن الساسة الحصين، ولو تكرس مفهوم المواطنة لما احتاجت الناس إلى زعيم يمثل هذا المكون أو ذاك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى