أوروبا

جورجيا: لهيب الغضب وحلم أوروبا


جورجيا بمفترق طرق يرسمها مشروع قانون مثير للجدل بعدما قطع شوطا آخر في البرلمان باتجاه إقراره رغم ارتداداته على حلم الانضمام لأوروبا.

واليوم الأربعاء، تظاهر عشرات الآلاف في جورجيا ضد مشروع قانون “التأثير الأجنبي”. حيث تجمعوا وهم يلوّحون بأعلام جورجيا والاتحاد الأوروبي أمام مبنى البرلمان.

وفي المكان نفسه، فرّقت الشرطة تظاهرة في اليوم السابق بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، وأوقفت العشرات.

وصوت المشرعون بغالبية 83 صوتا مقابل 23 لاعتماد مشروع القانون في قراءة ثانية.

وقال حزب الحلم الجورجي الحاكم إنه يريد إقراره ليصبح قانونا بحلول منتصف مايو/أيار الجاري. معتبرا أنه يهدف إلى تعزيز شفافية التمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية.

وتأتي هذه الاضطرابات قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل .والتي ينظر إليها على أنها اختبار رئيسي للديمقراطية في الدولة الطامحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

ومنذ التاسع من أبريل/نيسان الماضي، تشهد البلاد تظاهرات حاشدة مناهضة للحكومة بعدما أعاد حزب “الحلم الجورجي” تقديم مشروع قانون “التأثير الأجنبي” .الذي يخالف طموحات تبليسي في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

“تقاطع طرق”

في تعقيبها على الاحتجاجات، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. اليوم الأربعاء، أنها تتابع الوضع في جورجيا “بقلق بالغ”.

وأدانت المسؤولة الأوروبية عبر منصة “إكس” للتواصل الاجتماعي (تويتر سابقا) “العنف في شوارع تبليسي”. مشددة على أن “الشعب الجورجي يريد مستقبلا أوروبيا لبلاده. جورجيا على تقاطع طرق. يجب أن تبقى على مسار الطريق نحو أوروبا”.

ومساء أمس الثلاثاء، تدخل عناصر ملثمون من شرطة مكافحة الشغب ضد المتظاهرين بدون تحذير مسبق مستخدمين الغاز المسيل للدموع والأعيرة المطاطية.

كما تعرّضوا بالضرب لمشاركين في تحرك مناهض لمشروع القانون وأوقفوا عشرات منهم بحسب مراسل فرانس برس.

وتعرض عدة صحفيين لهجوم بينهم مصور فرانس برس الذي تعرض للضرب. رغم أنه عرف عن نفسه بأنه من وسائل الإعلام.

وتعرض النائب ليفان خابيشفيلي رئيس “الحركة الوطنية المتحدة”. حزب المعارضة الرئيسي بزعامة الرئيس السابق المسجون ميخائيل ساكاشفيلي، لضرب مبرح واحتاج لتلقي العلاج.

وأكدت وزارة الداخلية أن الشرطة استخدمت القوة بشكل “مشروع” لأن التظاهرات “أصبحت عنيفة”. معلنة توقيف 63 شخصا بتهمة “العصيان” وارتكاب أعمال “شغب”.

وطالب المدافع عن الحقوق الجورجية ليفان يوسلياني بإجراء تحقيق في استخدام “القوة غير المتناسبة” ضد المتظاهرين والصحفيين.

وقالت الرئيسة الجورجية سالومي زورابيشفيلي المعارضة للحزب الحاكم: “أدعو وزير الداخلية إلى الوقف الفوري لقمع التجمع السلمي واستخدام القوة غير المتناسبة والعنف ضد الشباب”.

وأعاق المتظاهرون حركة المرور أمام البرلمان في شارع روستافيلي. العصب الرئيسي في تبليسي، وكذلك على العديد من الطرق المهمة الأخرى بالمدينة.

وفي وقت مبكر صباح الأربعاء، أقام المتظاهرون حواجز أمام مبنى البرلمان بعد مغادرة شرطة مكافحة الشغب.

وقالت متظاهرة تدعى ناتيا غابيسونيا وتبلغ 21 عاما. أمام البرلمان “إنهم يخافون لأنهم يدركون تصميمنا… لن ندعهم يمرروان هذا القانون الروسي ويدفنون مستقبلنا الأوروبي”.

وأدان وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الأربعاء. “بشدة أعمال العنف” التي مارستها قوات الأمن الجورجية بحق المتظاهرين، معتبرا أن “اللجوء إلى القوة لقمعهم أمر غير مقبول”.

“عملاء أجانب” 

ويحتاج القانون إلى أن يقرّ بثلاث قراءات في البرلمان وأن تصادق عليه الرئاسة. ومن المتوقع أن تستخدم الرئيسة الجورجية حق النقض، لكن الحزب الحاكم لديه مقاعد كافية في البرلمان لتجاوز هذا الإجراء.

وبحسب معارضيه، فإن المشروع موجه من أجل أن يستخدم لإسكات الأصوات المعارضة.

واعتبر رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال أن النص لا يتوافق مع رغبة جورجيا في الانضمام للتكتل القاري.

وخرجت تظاهرات أيضا في ياتومي، ثاني مدن جورجيا، وفي كوتايسي. بحسب وسيلة الإعلام المستقلة “فورمولا تي في”.

وقبل يومين، شارك آلاف الأشخاص في تظاهرة مضادة نظمها حزب “الحلم الجورجي” أمام البرلمان.

وفي ربيع 2023، اضطر الحزب الحاكم إلى التخلي عن أول محاولة لتمرير القانون. بعد احتجاجات واسعة النطاق.

الحلم الأوروبي

سعت حكومات عدة في جورجيا إلى تقريب البلاد من الغرب. لكن الحزب الحاكم متّهم بالسعي لإعادة هذه الجمهورية السوفياتية السابقة إلى فلك روسيا.

وفي ديسمبر/ كانون أول الماضي، منح الاتحاد الأوروبي جورجيا وضع مرشح رسمي للعضوية. مشددا في الوقت نفسه على وجوب أن تجري إصلاحات قبل أي مفاوضات.

وترشيح جورجيا لعضوية الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) منصوص عليه في دستورها، ويحظى بحسب استطلاعات الرأي بدعم شعبي كبير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى