سياسة

غزة.. وجع الحرب لم يطمس روح التعايش


في كل شبر بغزة يتراءى الوجع من ركام الجدران المنهارة ودموع الثكالى ولوعة اليتامى، لكن ورغم كل ذلك، لم يتخلَّ سكان القطاع عن روح التعايش.

روح لم تفلح الحرب المدمرة المستمرة منذ أشهر في طمسها، بل حافظ السكان على حس التعايش والتعاون بين المسيحيين والمسلمين، فالأمر لا يعتبر مستجدا في القطاع بل معتادا.

تعايش تنتفي معه حسابات الانتماءات والعقيدة، في روح يرتفع منسوبها في ظل ظروف استثنائية ومخاوف من السفر على الطرق الخطرة للوصول إلى مقابر المسيحيين في غزة.

وقال إحسان الناطور، أحد العاملين في مقبرة تل السلطان، حيث دفن رجل جثة بينما كان يشاهده طفل صغير، إن مقبرة تل السلطان استقبلت جثمان الشاب المسيحي هاني سهيل أبوداود.

وأضاف الناطور، لوكالة رويترز، أن سفر عائلة الشاب وسط الحصار يعرضها لخطر كبير، ولم تتمكن الأسرة من توديعه بالشكل الصحيح.

وبحسب الوكالة، فإن السفر على الطرق المعرضة لاحتمال القصف يزيد من معاناة الأشخاص الذين يحاولون دفن موتاهم، ولم تسمح إسرائيل بعد لسكان شمال غزة، حيث تقع مقابر المسيحيين بالعودة إلى منازلهم.

وتابع الناطور يقول: “وضعناه عندنا في المقبرة، مقبرة تل السلطان، على أساس أن الظروف الأمنية لا تسمح بالذهاب ولا الإياب بسبب الحرب الموجودة عندنا في قطاع غزة”.

وأضاف: “إحنا حتى الآن مفرقناش (لا نفرق) بين هذا مسيحي أو هذا مسلم، وهاي موجود بين قبور المسلمين مفيش عليه أي علامة إنه هذا رجل مسيحي”.

ومضى يقول: “كونه مسيحيا لازم أنا أحافظ عليه حتى لو كان غير مسيحي كمان، يعني لازم نحافظ على خلق الله في الأرض، آه ده (هذا) إنسان، نحن نحترم الإنسان ونقدر الإنسانية ونحب كل إنسان موجود على الأرض، مش من طبعنا إحنا المسلمين إننا نكره الإنسانية».

لا يمكن وصفها

في غزة دائما، لا تنتهي المآسي في ظل الحرب المدمرة، حيث تتوالى المشاهد لتوثق بشاعة نزاع لم يضع أوزاره منذ أشهر، ويدفع المدنيون فاتورته الباهظة.

وحضرت الممرضة الفلسطينية مها سويلم إلى موقع مستشفى الشفاء المدمّر في شمال القطاع وهي تأمل بل تخشى تلقي أنباء عن زوجها الذي تقول إنه كان طبيبا في المنشأة.

ووصلت فرق تابعة لمنظمة الصحة العالمية الإثنين إلى ما كان في الماضي أكبر مجمع استشفائي في غزة، للمساعدة في التعرّف على جثث متناثرة بين الركام.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه خاض معارك عنيفة مع مقاتلين فلسطينيين في الموقع مدى أسبوعين في الشهر الماضي، وقد أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن مرضى حوصروا من جراء الاشتباكات.

وقالت سويلم، في تصريح لوكالة فرانس برس، إنها لم ترَ زوجها عبدالعزيز كالي منذ أن اعتقله الجيش الإسرائيلي خلال الهجوم. ولا تعلم ما إذا هو حي أو ميت.

وأضافت: “قضيت أربعة أيام هناك مع ابنتي الصغيرتين من دون أكل أو شرب. بكتا من الجوع. عندما اعتقلوا زوجي كان قد مر علينا ثلاثة أيام بلا أكل”.

وتابعت: “رائحة الموت في كل مكان” مع تواصل أعمال الحفر بين الركام في الموقع وانتشال العمّال جثثا متحلّلة من بين الرمال والأنقاض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى