سياسة

مسنودا بتأييد شعبي.. سانشيز يعدل عن الاستقالة


أنهى رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز اليوم الاثنين تعليق عمله الذي استمرّ خمسة أيام، بإعلانه أنه قرّر البقاء على رأس الحكومة، فيما كشفت المظاهرات الحاشدة التي خرجت نهاية الأسبوع لمطالبته بعدم الانسحاب الدعم الشعبي الهام الذي يحظى به في مواجهة اليمين المتطرف.

ويوجّه عدول سانشيز عن الاستقالة ضربة موجعة إلى كافة اللوبيات المعادية لمصالح المغرب والمعروفة بدعمها لجبهة بوليساريو الانفصالية التي ترفض أن تستوعب حقيقة مفادها أن مدريد ثابتة على عمها لمغربية الصحراء. فيما يمضي البلدان بثبات على طريق تنفيذ خارطة الطريق الهادفة إلى إرساء شراكة إستراتيجية.

وفي خطاب استمرّ تسع دقائق ألقاه من على درجات قصر مونكلوا، المقر الرئيسي للحكومة الإسبانية، قال سانشيز البالغ من العمر 52 عاماً والذي يتولّى السلطة منذ العام 2018. “لقد قرّرت الاستمرار” على رأس الحكومة.

ونقل موقع “الصحيفة” المغربي عن خوسي مانويل ألباريس وزير الخارجية الإسبانية قوله إنه “سعيد بقرار سانشيز باستمرار رئيسا للحكومة”. مشددا على ضرورة محاسبة “من يُطلقون الإشاعات والاتهامات الباطلة في حق زوجة رئيس الوزراء الإسباني”.

وكان رئيس الوزراء الاشتراكي قد التزم الصمت منذ إعلان محكمة في مدريد الأربعاء فتح تحقيق أولي بتهمة “الفساد” و”استغلال النفوذ” ضدّ زوجته بيغونيا غوميز. وكتب رسالة من أربع صفحات وجّهها إلى الإسبان وأوضح فيها أنّه يفكّر في الاستقالة لحماية أسرته.

وفيما نفى أيّ “حسابات سياسية”، فقد دعا البلاد إلى إجراء “تفكير جماعي” بشأن الاستقطاب في إطار الحياة السياسية. من أجل منع “التضليل من توجيه النقاش السياسي”. قائلا “إمّا أن نقول يكفي، وإلّا فإنّ تدهور الحياة العامّة سيؤثر على مستقبلنا ويديننا كدولة”.

وفي خطوة غير مسبوقة، علّق سانشيز كلّ أنشطته منذ الأربعاء، على الرغم من أنّه كان من المقرّر أن يُطلق مساء الخميس حملة الانتخابات الإقليمية التي ستجري في كاتالونيا في 12 مايو/أيار. وتحمل هذه الانتخابات أهمية على المستوى الوطني. حيث يأمل حزبه من خلالها في طرد الاستقلاليين من السلطة.

وفي هذه الأثناء، تجمّع آلاف من أنصاره السبت أمام مقرّ الحزب الاشتراكي في مدريد. حيث هتفوا “بيدرو إبقَ!” لمطالبته بعدم مغادرة منصبه.

وفُتح تحقيق ضدّ زوجة بيدرو سانشيز بناء على شكوى تقدّمت بها جمعية “مانوس ليمبياس” الأيادي النظيفة، وهي مجموعة تعتبر قريبة من اليمين المتطرّف.

وبحسب ما ذكر موقع “إل كونفيدانسيال” يركزّ التحقيق على صلات لزوجة سانشيز بمجموعة السياحة الإسبانية “غلوباليا” مالكة شركة الطيران “اير يوروب” في وقت كانت تُجري الأخيرة محادثات مع الحكومة للحصول على مساعدات في مواجهة الانخفاض الكبير في الحركة الجوية الناجم عن جائحة كوفيد.

وتلقت “اير يوروب” 475 مليون يورو في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، من صندوق بقيمة 10 مليارات دولار يهدف إلى دعم الشركات الاستراتيجية التي تواجه صعوبات بسبب الأزمة الصحية. لكنّ عشرات الشركات الأخرى استفادت بعد ذلك من هذه المساعدات. بما في ذلك منافسيها (أيبيريا وفويلينغ وفولوتيا…).

والخميس، طلب الادعاء حفظ التحقيق. فيما اعترفت جميعة “مانوس ليمبياس” بأنّ شكواها استندت فقط إلى تقارير صحافية. غير أنّ القاضي المسؤول لم يكشف بعد عن نواياه.

وفي الرسالة المطوّلة التي نشرها على منصة “إكس” الأربعاء قال سانشيز إنّه يريد من خلال الشكوى المقدّمة ضدّ زوجته. أن يشير إلى مثال جديد لحملة زعزعة الاستقرار التي يشنّها ضدّه “تحالف المصالح اليمينية واليمينية المتطرّفة” الذي “لا يقبل حكم صناديق الاقتراع”.

وفي الأشهر الأخيرة، شهد السياق السياسي توتراً أكبر، بعدما تمكّن بيدرو سانشيز الذي حلّ في المركز الثاني في انتخابات 23 مايو/أيار بعد منافسه المحافظ ألبرتو نونيز فيجو. من العودة إلى السلطة بفضل دعم أحزاب انفصالية كاتالونية في مقابل إصدار قانون عفو عن الاستقلاليين المتورّطين في محاولة انفصال كاتالونيا في العام 2017.

وتمّت الموافقة على هذا القانون في القراءة الأولى من قبل النواب في مارس/آذار . ومن المقرّر أن يتمّ اعتماده بشكل نهائي في نهاية أيار/مايو.

وسخرت المعارضة اليمينية من بيدرو سانشيز، متهمة إياه بأنّه أراد تصوير نفسه على أنّه ضحية. فيما قال زعيم الحزب الشعبي (يمين) ألبرتو نونيز فيجو. “لا يمكن لرئيس حكومة أن يقدّم عرضاً كمراهق حتى يبدأ الجميع في الركض خلفه. متوسّلين إليه ألا يغادر وألا يغضب”.

ويبدد بقاء سانشيز على رأس الحكومة محاولات الحزب الشعبي الدفع للتراجع عن اعتراف مدريد بمغربية الصحراء. كما ينسف آمال اللوبيات المعادية لمصالح المملكة بوضع حد للتعاون المتنامي بين المغرب وإسبانيا.

وشدد رئيس الوزراء الإسباني خلال الآونة الأخيرة على ضرورة تنفيذ بنود خارطة الطريق الهادفة إلى إرساء الشراكة الإستراتيجية بين الرباط ومدريد. معتبرا أن مصالح إسبانيا تستوجب التنسيق على أكثر من مستوى مع المغرب.

واعتبر سانشيز خلال مداخلته تحت قبة البرلمان الإسباني منذ نحو أسبوعين أن “رخاء المغرب سوف ينعكس على ازدهار إسبانيا”. 

وتشهد العلاقات المغربية الإسبانية زخما لافتا منذ اعتراف مدريد بمغربية الصحراء من خلال تأييد مقترح الحكم الذاتي تحت سيادة المملكة. معتبرة أنه الحل الواقعي والوحيد للنزاع المفتعل.

وتوقع سانشيز في ختام الزيارة التي أداها إلى المغرب في فبراير/شباط الماضي وأجرى خلالها مباحثات مع رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش. كما استقبله العاهل المغربي الملك محمد السادس. أن تبلغ الاستثمارات الإسبانية في المملكة 45 مليار أورو بحلول العام 2050.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى