3 تحديات أمام مهمة واشنطن جديدة لوقف تهريب الأسلحة للحوثيين
مع تفاقم حرب غزة دون تهدئة تلوح في الأفق -حتى الآن-، ووسط تصعيد حوثي أعاق ممرات الشحن البحري، فتشت الإدارة الأمريكية، عن حلول لـ«شل» يد الجماعة اليمنية، ومنعها من زيادة منسوب التوتر.
حلول بدأتها باجتماع عقده فريق لها مع إيران في يناير/كانون الثاني الماضي، في العاصمة العُمانية مسقط، أكد حرص الطرفين على منع التصعيد، إلا أنه فشل في منع الحوثيين من تكرار هجماتهم في البحر الأحمر.
ومع فشل ذلك الاجتماع في تحقيق «كل» أهدافه، عملت إدارة الرئيس جو بايدن على توسيع جهودها لمراقبة واعتراض الأسلحة الإيرانية التي يتم تهريبها إلى اليمن.
وقال مسؤولون أمريكيون لصحيفة «واشنطن بوست» إن المبادرة الأمريكية تسعى إلى رسم خريطة للطرق البحرية التي تستخدمها طهران ووقف شحنات الأسلحة في أثناء عبورها، في اعتراف بأن الحوثيين من المرجح أن يشكلوا تحديا أمنيا كبيرا في المستقبل المنظور.
ماذا نعرف عن الخطة الأمريكية الجديدة؟
وبحسب المسؤولين الأمريكيين فإن المبادرة الأمريكية تعد جزءا من استراتيجية أوسع تشمل أيضا العقوبات والضغوط الدبلوماسية، لكنها تواجه قيودا بسبب نقص الموارد العسكرية الأساسية.
ووصف مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأمريكية المهمة بأنها «جهد متجدد لمحاولة فهم أفضل لما تبدو عليه تلك الممرات المائية»، مشيرا إلى أنها تتطلب تعاونا كبيرا مع مجتمع الاستخبارات الأمريكي.
ووصف مسؤول دفاعي كبير آخر الجهود بأنها «قوية للغاية»، قائلاً إن واشنطن تستكشف أيضا كيف يمكن للدول الشريكة توسيع تركيزها على تعطيل تهريب الأسلحة الإيرانية للمساعدة في تعويض المخزون المحدود من الطائرات الأمريكية دون طيار وغيرها من أصول المراقبة التي تعتبر أساسية في العملية.
ورفض المسؤول تحديد الدول المشاركة في تلك المحادثات، لكنه قال إن جميع الحكومات المتضررة اقتصاديا من هجمات الحوثيين يجب أن تفعل المزيد.
«إنه بالتأكيد تحدٍ في منطقة كبيرة، لكننا نخصص موارد كبيرة لتحديد وتتبع واعتراض -حيثما لدينا القدرة- وما وجدناه مهم»، يضيف المسؤول الأمريكي.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن محمد آل خليفة باشا أحد كبار محللي شؤون الشرق الأوسط في مجموعة نافانتي، قوله، إنه عندما استولت جماعة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء في عام 2014 سيطرت على أسلحة، بما في ذلك صواريخ سكود الكورية الشمالية والسوفياتية، وصواريخ أرض جو من الحقبة السوفياتية، والصواريخ الصينية المضادة للسفن.
وأشار إلى أنه منذ ذلك الحين تعلمت الجماعة الحوثية صنع أسلحة أكثر تقدما عن طريق تعديل العناصر الموجودة في ترسانتها واستخدام التكنولوجيا التي تم الحصول عليها من الخارج، بما في ذلك من إيران.
ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني -بعد وقت قصير من هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول والذي أشعل الحرب في غزة- وثقت وزارة الدفاع الأمريكية ما لا يقل عن 105 هجمات على السفن التجارية قبالة اليمن، بما في ذلك نحو 40 خلال الأسبوع الماضي.
وقال المسؤولون الأمريكيون إن الأسلحة تشمل طائرات دون طيار هجومية أحادية الاتجاه وصواريخ باليستية وطائرات دون طيار محملة بالمتفجرات.
إلا أن الجهود التي قادتها الولايات المتحدة لحماية حركة المرور البحرية «نجحت في إحباط العديد من تلك الهجمات»، لكن في 6 مارس/آذار الجاري أصاب صاروخ مضاد للسفن أطلقه الحوثيون سفينة تجارية، في خليج عدن، مما أدى إلى مقتل ثلاثة بحارة على الأقل وإصابة عدد آخر.
وبينما شنت الولايات المتحدة حملة ضد مقاتلي تنظيم القاعدة في اليمن لأكثر من عقد من الزمان، إلا أنها أولت اهتماما محدودا للحوثيين، الذين على الرغم من خطابهم المناهض لأمريكا، كانوا أكثر تركيزا على مواجهة الحملة الجوية التي تشنها المملكة العربية السعودية بدلاً من مهاجمة الولايات المتحدة أو المصالح الغربية، ونتيجة ذلك أصبح لدى البنتاغون اليوم فهم ضيق إلى حد ما لعمليات التهريب التي تقوم بها المجموعة، كما يقول المسؤولون الحاليون والسابقون.
من أين تنطلق عمليات تهريب الأسلحة؟
وفقا لخبراء في الأمم المتحدة، فإن عمليات التهريب البحري للأسلحة إلى الحوثيين تنطلق من الموانئ الإيرانية مثل بندر جاسك في خليج عمان، وبندر عباس في مضيق هرمز، ويمكن نقل هذه الشحنات عبر بحر العرب وخليج عدن على طول الطريق إلى اليمن، أو عبر الطرق البرية عبر البلدان المجاورة مثل عمان.
وقال الباشا إنه تم تنفيذ ما لا يقل عن 18 عملية اعتراض بحري منذ عام 2013، مما كشف عن شحنات أسلحة يُزعم أنها جاءت من إيران، تتراوح بين مدافع رشاشة وصواريخ مضادة للدبابات، إضافة إلى عمليات تهريب إضافية عبر القرن الأفريقي.
ومن غير المعروف مقدار العتاد الذي تم تمريره دون أن يتم اكتشافه، مما يجعل من الصعب على الولايات المتحدة تقييم مدى فعالية ضرباتها الأخيرة، في إضعاف قدرة الحوثيين على مواصلة هجماتهم البحرية.
تحديات
ويتمثل التحدي المستمر الذي يواجه الجيش الأمريكي في العدد المحدود من الطائرات دون طيار وغيرها من أصول المراقبة، والتي يزداد الطلب عليها من قبل القادة العسكريين الأمريكيين في جميع أنحاء العالم.
وكان البنتاغون أعاد في السنوات الأخيرة تخصيص بعض تلك المعدات التي كانت موجودة في الشرق الأوسط على مدى عقدين من الحرب في أفغانستان والعراق، كجزء من استراتيجية أمنية عالمية متغيرة تهدف إلى التركيز بشكل أساسي على الصين.
وقال الجنرال مايكل إريك كوريلا، الذي يشرف بصفته رئيس القيادة المركزية الأمريكية على النشاط العسكري الأمريكي في جميع أنحاء الشرق الأوسط، أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ هذا الشهر، إنه قام «لبعض الوقت بتحويل قدرات المراقبة من فوق أفغانستان -حيث تواصل الولايات المتحدة مراقبة الجماعات الإرهابية- للتركيز بدلاً من ذلك على البحر الأحمر، وكذلك العراق وسوريا، حيث واجهت القوات الأمريكية المنتشرة حتى وقت قريب هجمات متكررة من الجماعات التي تدعمها إيران».
كوريلا أضاف أن الولايات المتحدة في حاجة إلى المزيد من التمويل باعتبارها «قدرات إضافية».
وثمة قيد آخر يتمثل في توافر الموظفين المدربين تدريبا عاليا لتنفيذ المهمة المحفوفة بالمخاطر، المتمثلة في الصعود على متن السفن المشتبه في أنها تحمل أسلحة إيرانية إلى اليمن.
وقال المسؤولون إنه على الرغم من أن البنتاغون يكثف جهود الحظر، فمن غير المتوقع أن تتضمن المهمة تخصيصا كبيرا لقوات العمليات الخاصة الإضافية.
ويقول مسؤولون أمريكيون إن قوات مشاة البحرية المنتشرة على متن السفن شاركت تاريخيا في مثل هذه المهام، لكن في المستقبل المنظور من غير المتوقع وجود أي منها في المنطقة بسبب النقص المستمر في السفن البرمائية المتاحة التي تشرف عليها البحرية.
وغادرت وحدة مشاة البحرية السادسة والعشرون منطقة البحر الأحمر مؤخرا بعد انتشار طويل، ومن المتوقع أن تصل إلى موطنها في ولاية كارولينا الشمالية في الأيام المقبلة.