أعلن حزب الله اليوم الخميس شنّه هجوما مشتركا بالصواريخ والمسيّرات على تسعة مواقع عسكرية إسرائيلية، رداً على اغتيال أحد قيادييه، في وقت توعد متحدث عسكري إسرائيلي الرد بقوة على “جميع اعتداءات” الحزب المدعوم من إيران، فيما تُنذر هذه التطورات بأن الجبهة باتت على حافة حرب.
وأفاد حزب الله بأنه استهدف بصواريخ الكاتيوشا والفلق ست ثكنات ومواقع عسكرية في شمال إسرائيل وهضبة الجولان المحتلة.
وأضاف “بالتزامن شنّ مجاهدو القوة الجوية بعدة أسراب من المسيّرات الانقضاضية هجوماً جوياً” على ثلاث قواعد أخرى، بينها قاعدة قال إنها تضم مقراً استخباراتياً “مسؤولاً عن الاغتيالات”.
ووضع حزب الله الهجوم، الذي يعدّ الأوسع على مواقع اسرائيلية منذ بدء التصعيد عبر الحدود قبل أكثر من ثمانية أشهر، في “إطار الرد على الاغتيال الذي نفذه العدو الصهيوني في بلدة جويا”، في إشارة الى ضربة جوية أودت الثلاثاء بطالب عبدالله الذي يُعد القيادي الأبرز بين من قُتلوا بنيران إسرائيلية منذ بدء القصف عبر الحدود.
وأفاد الجيش الإسرائيلي من جهته عن رصده “إطلاق نحو أربعين قذيفة باتجاه منطقة الجليل ومرتفعات الجولان”، مشيراً إلى “اعتراض بعضها من قبل الدفاعات الجوية، بينما سقطت بعض القذائف في مناطق مفتوحة وأسفرت عن اندلاع حرائق”.
وأشار كذلك إلى “رصد خمسة أهداف جوية مشبوهة منذ الساعة الثانية ظهرا (11:00 ت غ)، اعترضت الدفاعات الجوية ثلاثة منها”.
وإثر الهجوم، أكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ديفيد منسر خلال مؤتمر صحافي أن إسرائيل “سترد بقوة على جميع الاعتداءات التي يقوم بها حزب الله“، مضيفا “ستعيد إسرائيل إرساء الأمن على حدودنا الشمالية سواء من خلال الجهود الدبلوماسية أو غير ذلك”.
ويأتي هجوم اليوم الخميس بعد شنّ حزب الله الأربعاء سلسلة هجمات مماثلة تخللها إطلاق أكثر من 150 صاروخاً باتجاه مواقع إسرائيلية، وضعها الحزب في إطار الرد على مقتل عبدالله مع ثلاثة مقاتلين كانوا برفقته.
وخلال مراسم تشييع عبدالله، قال رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله هاشم صفي الدين الأربعاء “إذا كانت رسالة العدو النيل من عزيمتنا”، فعليه أن “يعلم أن جوابنا القطعي سنزيد من عملياتنا شدة وبأساً وكماً ونوعاً”.
ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلاميّة (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين في قطاع غزّة، يتبادل حزب الله وإسرائيل القصف بشكل شبه يومي، لكن الجماعة اللبنانية غّيرت خلال الآونة الأخيرة قواعد الاشتباك وكثّفت هجماتها بعد تفاقم خسائرها البشرية ومقتل العديد من أبرز قياداتها في ضربات إسرائيلية.
ويعلن حزب الله قصف مواقع عسكرية وتجمعات جنود وأجهزة تجسس في الجانب الإسرائيلي “دعماً” لغزة و”اسناداً لمقاومتها”، بينما تردّ اسرائيل باستهداف ما تصفه بأنه “بنى تحتية” تابعة لحزب الله وتحركات مقاتليه.
وخلال ثمانية أشهر من القصف المتبادل بين إسرائيل وحزب الله، أسفر التصعيد عن مقتل 468 شخصاً على الأقل في لبنان بينهم 307 على الأقلّ من حزب الله وقرابة 90 مدنياً، فيما أعلن الجانب الإسرائيلي من جهته مقتل 15 عسكرياً و11 مدنياً.
وقال سيث جي. جونز، النائب الأول لرئيس مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن “يستعرض حزب الله أنواع القدرات التي يمتلكها” في محاولة “لتعزيز الردع في حرب تقليدية”.
وأضاف “السؤال هو ما نوع الدفاع الجوي الذي يمتلكه حزب الله وماذا يمكن أن يحصل عليه أكثر من الإيرانيين والسوريين. أعتقد أن أي مؤشر جدي على قدرات خطيرة ستدفع الإسرائيليين إلى توجيه ضربة قوية”.
وقال مهند الحاج علي، نائب مديرة مركز مالكوم كير- كارنيجي للشرق الأوسط لشؤون الأبحاث إن حزب الله “اضطر إلى التصعيد لأنه فقد الردع، وهو بحاجة إلى استعادة الردع”.
ومضى يقول “لكن أيضا حين يتعلق الأمر بعملية رفح الإسرائيلية، تعين عليه التحرك. لقد برر مشاركته في الحرب بدعم غزة وإظهار التضامن معها، لذا تعين عليه التحرك”.
وقال مسؤول أميركي كبير إن الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ من أن الأعمال القتالية على الحدود الإسرائيلية اللبنانية قد تتصاعد إلى حرب شاملة، مضيفا أن هناك حاجة إلى ترتيبات أمنية محددة للمنطقة وأن وقف إطلاق النار في غزة ليس كافيا.
وأردف المسؤول قائلا “أجرينا محادثات باستمرار وبشكل عاجل في أوقات مختلفة مع إسرائيل ولبنان على مدى الأشهر الثمانية منذ بداية الأزمة… لمنعها من التطور إلى حرب شاملة قد يكون لها تداعيات على أماكن أخرى في المنطقة” وأضاف أن “العودة إلى الوضع الذي كان قائما في لبنان يوم السادس من أكتوبر ليس خيارا مقبولا أو ممكنا”.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في الدوحة الأربعاء إن أفضل طريقة لتمكين الحل الدبلوماسي في شمال إسرائيل هو حل الصراع في غزة في الجنوب.
وأضاف “هذا يتطلب ممارسة ضغوط شديدة على النظام. سيؤدي ذلك إلى استبعاد تبرير حزب الله لشن هذه الهجمات، وأعتقد أن ذلك سيفسح المجال لحل الأمر دبلوماسيا”، غير أن المسؤول الأميركي قال إنه ستكون هناك حاجة إلى فعل المزيد.
وأضاف “لا يكفي مجرد التوصل إلى وقف لإطلاق النار… يجب أن يكون هناك ترتيب يسمح للإسرائيليين بالعودة إلى منازلهم في الشمال.
وفي سياق متصل أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الخميس خلال قمة مجموعة السبع أن فرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل ستعمل ضمن إطار “ثلاثي” على خارطة طريق فرنسية هدفها احتواء التوترات على الحدود بين إسرائيل ولبنان.
وصرح ماكرون للصحافيين في ختام يوم أول من الاجتماعات في جنوب ايطاليا “لقد اعربنا جميعا عن قلقنا حيال الوضع على الحدود مع لبنان وخصوصا مع الولايات المتحدة”.
وأضاف “اعتمدنا مبدأ ثلاثية تجمع إسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا للتقدم نحو خارطة الطريق التي اقترحناها. سنقوم بالامر نفسه مع السلطات اللبنانية” وتهدف هذه الآلية الى تنسيق المبادرات التي تقوم بها باريس وواشنطن.
وتحاول فرنسا منذ نهاية يناير/كانون الثاني احتواء المواجهات على الحدود بين اسرائيل وحزب الله اللبناني المدعوم من ايران والتي تتسع رقعتها.
وكانت باريس طرحت مبادرة أولى، تم تعديلها بداية مايو/أيار بناء على طلب بيروت التي اعتبرت أن صيغتها تصب إلى حد بعيد في مصلحة إسرائيل.
وتنص الخطة خصوصا على وقف أعمال العنف من الجانبين وانسحاب قوة الرضوان التابعة لحزب الله ومجموعات مسلحة أخرى حتى مسافة عشرة كيلومترات من الحدود مع إسرائيل، بحسب مسؤولين لبنانيين.
وتنص أيضا على أن تمنح قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان ”يونيفيل” حرية تحرك كاملة في المنطقة، مع تعزيز دور الجيش اللبناني وعديده.
ويرفض حزب الله الخوض في أي مفاوضات من هذا النوع، مشترطا وقفا دائما لإطلاق النار في الحرب بين الدولة العبرية وحليفته حركة حماس في غزة