سياسة

لماذا فككت الجماعة الإسلامية الإندونيسية هياكلها؟‎


أكد معهد تحليل سياسات الصراع ومقره العاصمة الإندونيسية. الخميس الماضي، صحة مقطع مصور صدر في الثلاثين من حزيران/يونيو الماضي عن 16 من كبار قادة الجماعة الإسلامية في إندونيسيا. وجنوب شرق آسيا، شددوا فيه على امتثالهم للدولة والقانون في إندونيسيا. وتعهدوا بأن جميع المواد التي ستُدرس في المدارس الداخلية التابعة للجماعة ستكون “متوافقة مع الإسلام القويم”. 

وظهرت بذلك النزعة النفعية بجانب تأثيرات حركة المراجعات الفكرية. وأدوار الأجهزة الأمنية في خلفية الإعلان أخيرا عن تفكيك الشبكة المسلحة للجماعة الإسلامية. التي يُنسب إليها تنفيذ تفجيرات بالي الدامية في العام 2002. بحسب تقديرات صحيفة “العرب”.

واستلهمت الجماعة في السابق أفكارها من تنظيمات راديكالية مصرية مثل الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية. وارتبط جناح منها بتنظيم القاعدة بغرض إقامة دولة إسلامية في جنوب شرق آسيا. وتدير شبكة ضخمة مؤلفة من أكثر من خمسين مدرسة دينية. معتمدة على الاستثمار في العديد من الجمعيات الخيرية الدينية. ولا تريد أن تخسر مواردها وممتلكاتها مع المتغيرات التي تشهدها الساحة باتجاه التحول عن الفكر المتطرف والتصميم على تقليص نفوذ الجماعات المعتنقة .لفكرة تأسيس الدولة الإسلامية في إندونيسيا وجوارها الإقليمي.

وبعد تاريخ طويل في النشاط الإرهابي العابر للحدود الذي هدف إلى بناء خلافة دينية تضم ماليزيا وإندونيسيا وسنغافورة .ومينداناو وبروني عبر شرعنة استخدام العنف ضد الأفراد والمؤسسات والممتلكات تحت غطاء ديني، تخطط الجماعة الإسلامية للاحتفاظ بقدراتها المادية .وما تمتلكه من مدارس وجمعيات واستثمارات. مُدركة أن حماية هذا كله والحفاظ عليه لن يتحقق سوى بإظهار نسخة جديدة تتبرأ بها من الماضي الدموي المتطرف. مُروجة للأفكار المعتدلة تحت مظلة الدولة الوطنية.

ودفعت التجارب التي خاضها قادة الجماعة متنقلين بين مختلف الولاءات وصولا إلى منح البيعة لزعيم داعش أبي بكر البغدادي في العام 2014 باتجاه التعلم من الدروس .بعد اكتشاف ضحالة المناهج التي تكفر المجتمع والحكام وتعتبر المسلمين فقط المنضوين تحت لواء الجمهورية الإسلامية المُتخيلَة.

وبعد أن جرب أبوبكر باعشير مؤسس وزعيم الجماعة الإسلامية الإندونيسية مختلف تطبيقات الفكر التكفيري طارحا مشروع جمهورية إسلامية موازية عبر نسخ شتى من الحركات. بداية من دار السلام ومرورا بجماعته التي أسسها في بدايات التسعينات وانتهاءً بنموذج داعش في الشرق الأوسط. انتهى بعد إطلاق سراحه في العام 2021 إلى إلقاء الدروس بمعهد المؤمن بمدينة سوكوهارجو محافظة جاوا الوسطى. حول قيمة الوطن وفداحة الانخراط في تمرد ضده.

وساعد الجماعة الإسلامية الإندونيسية في الانفصال مؤخرا عن الفكر التكفيري ومختلف طيف تيار السلفية الجهادية عدم اجتماعها واتفاقها في مرحلة من المراحل على ارتكاب العنف .والارتباط ببعض تنظيمات السلفية الجهادية. إذ رفض العديد من قادتها تفجيرات أعياد الميلاد التي استهدفت عددا من الكنائس في ديسمبر عام 2000، كما أن الذي نفذ تفجيرات بالي هو قطاع واحد فقط داخل الجماعة قاده رضوان عصام الدين (حنبلي) دون علم باقي القطاعات.

وبعد عقود من التأسيس الأول لإحياء مشروع جماعة “دار الإسلام” مرورا بالتأسيس الثاني بدايات التسعينات. والتخبط بين منهج تكفيري وآخر ومد جسور مع القاعدة وبعدها إعلان البيعة لداعش والتأثر بمختلف طيف الإسلام السياسي والجهادي السلفي في مصر وأفغانستان وباكستان. تعلن الجماعة الإسلامية الإندونيسية توبتها وتفكيك شبكتها المسلحة، من منطلقات نفعية وفكرية.

ومن غير المرجح النكوص عن إعلان التوبة والتفكيك حيث يمتلك القادة الموقعون على الإعلان القدر الكافي من النفوذ والتأثير داخل الجماعة. مما سيضمن قبول القرار على نطاق واسع بين أعضائها. فضلا عن أنه ليس هناك بديل لحماية مكتسبات الجماعة المادية والحفاظ على مدارسها وجمعياتها واستثماراتها إلا السير في طريق التوبة والاعتدال حتى نهايته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى