أمريكا

حملات دعائية واسعة.. إسرائيل تسعى لتحسين صورتها في أميركا وسط انتقادات متزايدة


 وقَّعت الحكومة الإسرائيلية عقود دعاية لتحسين صورتها لدى الرأي العام الأميركي، عبر وسائل بينها روبوتات الدردشة، وفق صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية. وتهدف الدولة العبرية من خلال هذه الخطوة إلى تبديد حالة النفور في العديد من الأوساط الأميركية بسبب حربها على غزة.

وبشكل لافت، أظهرت استطلاعات للرأي تراجعًا في التأييد لإسرائيل بين الأميركيين، لا سيما الشباب، جراء الحرب التي شنتها على القطاع الفلسطيني، والتي أسفرت عن 68 ألفًا و875 فلسطينيًا وجرحت 170 ألفًا و679 جريحًا، معظمهم أطفال ونساء، ودمرت 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية، مع تكلفة إعادة إعمار قدرتها الأمم المتحدة بنحو 70 مليار دولار.

وقالت الصحيفة “وقَّعت الحكومة الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة عقودًا بملايين الدولارات لتحسين صورة إسرائيل في أميركا، سواء على الإنترنت أو خارجه”.

وأضافت أن “إسرائيل وظّفت شركات ليس فقط لتنفيذ حملات دعاية ”هاسبارا”، بل أيضًا حملات تستهدف ملايين رواد الكنائس المسيحيين”. كما تستهدف “شبكات روبوتات لتضخيم الرسائل المؤيدة لإسرائيل على الإنترنت، وجهودًا للتأثير على نتائج البحث وخدمات الذكاء الاصطناعي الشائعة مثل ChatGPT”.

وأفادت بأنه “من بين الخبراء الذين تم توظيفهم مدير سابق لحملة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانتخابية، وشركات أخرى مرتبطة بالحزب الجمهوري والمجتمعات الإنجيلية”.

ورأت أن هذا الوضع “يشير إلى أن إسرائيل تركز جهودًا ضخمة على المجتمعات التي كانت تُعتبر في السابق مؤيدة للدولة العبرية تلقائيًا”.

ما بعد الحرب

وقالت الصحيفة إن “هذه الحملات تشير إلى مرحلة جديدة في استراتيجية الدبلوماسية العامة الإسرائيلية لما بعد الحرب”، مضيفة أنها تدل على “تحول في طريقة استخدامها للوكلاء، سواء كانوا من الذكاء الاصطناعي أو المؤثرين البشريين، في الدعاية الخارجية”.

وبموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، يتعين على الشركات الأميركية التي تمثل حكومات أجنبية التسجيل لدى وزارة العدل. و”تُظهر الوثائق المقدمة خلال الشهرين الماضيين أن حكومة إسرائيل، عبر وزارتي الخارجية والسياحة ووكالة الإعلان الحكومية، وقَّعت عقودًا متعددة في الولايات المتحدة لتعزيز مصالح إسرائيل”، وفقًا للصحيفة.

وأوضحت أنه “تم توقيع أكبر عقود “هاسبارا” الجديدة في أغسطس/آب الماضي مع شركة كلوك تاور إكس، وهي مملوكة لبراد بارسكال، الذي لعب دورًا رئيسًا في حملات ترامب الرقمية عامي 2016 و2020″.

وتابعت أن قيمة العقد تبلغ 6 ملايين دولار، ومدته أربعة أشهر، ومُوقَّع بين كلوك تاور إكس وشركة هافاس ميديا نيابةً عن الحكومة الإسرائيلية وينص على تقديم خدمات استشارات استراتيجية وتخطيط واتصالات لتطوير وتنفيذ حملة أميركية واسعة النطاق لمكافحة معاداة السامية.

وأفادت بأن “شركة بارسكال ستنتج ما لا يقل عن 100 محتوى أساسي شهريًا، بينها مقاطع فيديو وصوت وبودكاست ورسومات ونصوص، إضافة إلى 5 آلاف مادة مشتقة في الشهر، لتحقيق 50 مليون مشاهدة شهريًا”. وزادت بأن “80 بالمئة من المحتوى سيستهدف الشباب الأميركيين على منصات تيك توك وإنستغرام ويوتيوب”.

الجمهور المستهدف

ووفقًا للصحيفة، “كان التركيز على الجماهير المسيحية مفاجئًا، لأنهم وخاصة الإنجيليين، يُعتبرون تاريخيًا أكثر الجماعات تأييدًا لإسرائيل في الولايات المتحدة”.

واستدركت “لكن استطلاعات مركز “بيو” (أشهر مراكز الاستطلاع الأميركية) بين 2022 و2025 تُظهر انخفاضًا سريعًا في دعم إسرائيل، حتى بين المحافظين، في خضم حرب غزة”.

وأضافت أنه “كان لدى حوالي 42 بالمئة من الأميركيين نظرة سلبية تجاه إسرائيل في 2022، وبعد ثلاث سنوات، قفزت النسبة إلى 53 بالمئة”.

وتابعت “ولا يقتصر انهيار الدعم على الديمقراطيين؛ إذ إن نصف الجمهوريين الشباب يحملون الآن نظرة سلبية تجاه إسرائيل، بزيادة 15 بالمئة منذ بدء الحرب”.

ويشير تقرير صادر عن مركز دراسات الولايات المتحدة بجامعة تل أبيب عام 2024 إلى اتجاه مماثل بين الإنجيليين الشباب، الذين أصبحوا أكثر انتقادًا لإسرائيل، بحسب الصحيفة.

روبوتات الدردشة

وقالت “هآرتس” إن “حملة إسرائيلية أخرى، بتكليف من وزارة الخارجية، اقترحتها شركة شو فيث باي ووركس، المملوكة للمستشار الجمهوري تشاد شنيتغر، وهو ناشط إنجيلي مرتبط باليمين المسيحي”، مضيفة أن ميزانيتها تتجاوز 3 ملايين دولار، سُدد عُشرها بالفعل، رغم أن العقد النهائي لم يُوقَّع بعد”.

وأفادت بأن “نصف الملفات الدعائية المقدمة في سبتمبر/أيلول الماضي تركز على الكنائس والمنظمات المسيحية في غرب الولايات المتحدة، لمواجهة تراجع الدعم لإسرائيل بين المسيحيين الإنجيليين”.

وكشفت أن من العناصر الأساسية في حملة إسرائيل محاولتها التأثير على روبوتات الدردشة الذكية الشائعة التي انتشرت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، مبينة أن أحد بنود عقد شركة “كلوك تاور إكس” يكشف عن عملية بحث لغوية.

وزادت بأن هذه العملية “مصممة ليس فقط للترويج للحملة على غوغل ومحركات بحث أخرى، بل أيضًا لتوليد نتائج تأطيرية في محادثات ChatGPT وأنظمة الحوار القائمة على الذكاء الاصطناعي”.

وقد تكون هذه أول حالة موثقة علنًا لمحاولة دولة تشكيل الخطاب من خلال أنظمة ذكاء اصطناعي توليدية مثل ChatGPT وClaude، مما يؤثر على كيفية تأطيرها للقضايا المتعلقة بإسرائيل.

وتابعت “يمثل هذا تحولًا من تحسين محركات البحث للترويج للمواقع الإلكترونية المؤيدة لإسرائيل في نتائج البحث، إلى جهود تركز على روبوتات الدردشة لتأطير الإجابات المتعلقة بالدولة العبرية وفلسطين”.

ومع ذلك، لم تتخل إسرائيل عن المنصات التقليدية، إذ كشف إعفاء حكومي من المناقصات أن الحكومة الإسرائيلية أنفقت أكثر من 45 مليون دولار في النصف الثاني من 2025 على إعلانات إلكترونية منتظمة مع غوغل ويوتيوب وإكس، وفقًا للصحيفة.

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن أبرز وأحدث دليل على تراجع الدعم لإسرائيل هو فوز زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك الأربعاء، رغم أنه يعتبر ما ارتكبته الدولة العبرية في غزة إبادة جماعية.

كما شدد ممداني على اعتزامه اعتقال نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، في حال وصل نيويورك، حيث مقر الأمم المتحدة.

وتتهم المحكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة خلال حرب الإبادة الإسرائيلية التي استمرت عامين، منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حتى وقفها في أكتوبر/تشرين الأول 2025.

زر الذهاب إلى الأعلى