تحذير رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان الذي تناقلته وسائل الإعلام العالمية، مؤخراً، والذي قال فيه: “إذا لم يظهر العالم موقفاً محدداً تجاه تركيا، فإن عليهم أن ينتظروهم قريباً مرة أخرى على أبواب فيينا”.
مع أن التحذير من الممكن أن يراه أغلبنا أن فيه شيئا من المبالغة في ناحية تمدد تركيا كما حصل أيام الإمبراطورية العثمانية، إلا أنه لا يخلو من منطق الانزعاج فيما ما تظهره شخصية الرئيس التركي أردوغان من سلوكيات تحمل أحلاماً إمبراطورية التي قد يتفاجأ العالم بأحداث ربما تكون سبباً في كوارث ومعاناة إذا لم يتم وضع حد له مع فهم لشخصيته النفسية التي تعبر عنه نظرته لكل دول العالم، فعنجهيته شملت الجميع.
“تمييع” أغلب دول العالم للغة السياسية الموجهة إلى أردوغان سبب مهم في أن تجعل منه شخصية تسرح وتمرح كيفما يريد ولكن ليس كل شيء، والدليل أنه عندما وجد موقفاً صلباً من الإدارة الأمريكية في تهديداته لليونان راجع حساباته -ولو مؤقتاً- والأمر كذلك حدث مع روسيا عندما هدد مصالحها في سوريا. الفكرة هنا، أنه “أردوغان” يمارس سياسة “جس النبض” مع دول العالم، فإذا تم ردعه وإيقافه عند حده يتراجع ويبدي مرونة في مواقفه، وإلا فإنه يتمادى بطريقة لا تخرج عن أساليب “البلطجة” التي تتم في المجتمعات ولكنه يطبقها هو على مستوى السياسة الدولية.
ومع أن أردوغان كثيراً ما تعرض إلى مواقف محرجة من عدد من دول العالم؛ منها على سبيل المثال: ذلك الموقف الذي وضعه فيها الرئيس بوتين عندما كسر فيها كل الأعراف الدبلوماسية وتركه ينتظر ومعه وزراءه أمام باب مغلق لمدة دقيقتين، وقبل ذلك عندما أهانت إسرائيل السفير التركي في تل أبيب على خلفية أحداث “سفينة مرمرة” ومنها أيضاً تهديدات من دول الاتحاد الأوروبي، إلا أنه يتعمد أن يتناسى كل تلك المواقف وكأن شيئاً لم يحدث ويعود مرة ثانية إلى أسلوبه المتمرد ومغامراته “المتنمرة” التي لا تليق برئيس دولة، فما بالك بدولة كانت يوماً ما تمثل تجربة سياسية واقتصادية محل إعجاب المراقبين في العالم.
اليوم شخصية أردوغان تمثل مصدر أزمة حقيقية في التعامل مع العديد من دول العالم، وليس فقط مع السعودية ودولة الإمارات أو أرمينيا واليونان كما يعتقد البعض لذا فهو يتقصد الإساءة لمن يضعه في موقعه الحقيقي ويقف ضد مشاريعه التخريبية لاستقرار العالم. ورغم كل الأساليب التي اتبعها سياسيو دول العالم في محاولة تعديل سلوكه لكنها فشلت ما يعني أنه من المهم فهم هذه الشخصية من الناحية النفسية أو ما يعرف بسيكولوجية القادة لمعرفة طبيعة تصرفاته وفك طلاسمها، فهذا علم موجود ويأخذ به.
بشكل عام، فإن التجارب السياسية علمتنا أنه لما تكون هناك لغة سياسية تتصف بالحزم في الرد والجرأة في القرار فإنه يتم عمل ألف حساب وهذا أعتقد هو المطلوب هذه الأيام من المجتمع الدولي مع النظام التركي الذي يقوده أردوغان الذي لم يعد هناك شك أنه وبعض السياسيين الموجودين في حكومته افتقدوا الكياسة في التعامل مع الآخرين وجيرانهم تحديداً وبدأوا فعلاً في خلق أزمات ومشاكل سياسية وأمنية، دفعت رئيس الوزراء الأرميني إلى تحذير العالم من السكوت عليه.
من المأمول أن يكون للمجتمع الدولي موقف تجاه تصرفات الرئيس أردوغان وإلا سوف يتسبب في كارثة عالمية قد تطال الجميع.
نقلا عن العين الإخبارية