سياسة

“جيشان”.. وجه آخر لحصار ميليشيات الحوثي باليمن


تصر ميليشيات الحوثي على إغلاق كل نوافذ الحياة لليمنيين كي لا يمر منها خيط ضوء ينعش آمالهم بإنهاء المعاناة وكسر أساليب الحصار التي تمارسها المليشيات ضد المدنيين.

هذه الأساليب التي تعد وجها آخر من حرب ممنهجة لمليشيات الحوثي بدت واضحة في مديرية “جيشان” الواقعة في الجهة الشمالية الشرقية من محافظة أبين (جنوب). والتي شدد الانقلابيون حصارها العسكري بعد أن فشلت مخططاتهم واستفزازاتهم العدوانية.

وفجرت مليشيات الحوثي كل الطرق المؤدية إلى “جيشان” موطن قبائل “الجحافل”، بما فيها الخطوط الحيوية التي تربط المديرية ببقية المناطق المحررة في أبين منها عقبة “الحلحل” الاستراتيجية.

وأكد مصدر قبلي تفجير الحوثيين للمرة الثانية على التوالي طريق “الحلحل”، الجمعة، ومن ثم قطع شريان رئيسي يمد آلاف السكان في “جيشان” بالغذاء والدواء والمساعدات، فضلا عن كونه طريقا حيويا للتنقل بين محافظتي أبين والبيضاء.

وكانت مليشيات الحوثي فجرت ذات الطريق الاستراتيجي الواقع بمرتفعات تربط مديريات مكيرس ولودر وجيشان في يناير/كانون الثاني الماضي قبل أن يقود قبليون مبادرة محلية في سبيل إقناع القيادات الانقلابية لإعادة فتحه كممر إنساني.

واستغل الحوثيون تلك الجهود ليخرجوا في مسرحية مكشوفة قبل أيام يزعمون فتح الطريق في خطوة مشبوهة سعت لتأجيج الفتنة بين القوات الجنوبية في أبين في إطار لعب الأدوار بين الانقلابيين والإخوان وذلك استباقا لانطلاق العملية العسكرية “سهام الشرق”.

وبحسب المصدر فإن أهالي “جيشان” يسلكون طريقا بريا شديد الوعورة يصل إلى مديرية مودية عبر بلدة “محواجل” لكسر وطأة الحصار الحوثي من تنقل وسفر شاق يستغرق 8 ساعات ويعد موتا بطيئا لمئات المرضى.

وأوضح أن مليشيات الحوثي منعت المسافرين ومركبات نقل الإمدادات الرئيسية منذ مساء الخميس، من عبور طريق “الحلحل” بعد تفجيره كثاني معبر إنساني لجيشان يتم نسفه بالعبوات بعد طريق “امشطبة” الواصل إلى لودر.

كما يعد ثاني أهم طريق يتم تفجيره بعد عقبة “ثرة” التي تربط محافظتي أبين والبيضاء وأعلنت القوات الجنوبية فتحها في مبادرة أحادية الجانب في وقت سابق بموجب الهدنة الأممية إلا أن المليشيات الحوثية أجهضت ذلك.  

وكان ناشطون يمنيون اعتبروا تفجير مليشيات الحوثي عقبة الحلحل الاستراتيجية بعد أيام من فتحها أنه يفضح التآمر الحوثي – الإخواني الواضح الذي كان يستهدف إسقاط أبين قبل أن تجهضه القوات الجنوبية على الأرض عبر عملية انتشار سريع ضمن “سهام الشرق”. 

جيشان بوابة أبين وشبوة

وتشير التحركات الحوثية بأطراف أبين إلى أنها تسعى جاهدة لاختراق الجهة الشمالية الشرقية للمحافظة عبر “جيشان” باعتبارها بوابة لمحافظتي أبين وشبوة سويا.

وتسعى مليشيات الحوثي للسيطرة على مرتفعات جيشان الاستراتيجية التي يبلغ ارتفاعها نحو 1500 كيلو متر عن سطح البحر باتخاذها منصة لتهديد الجنوب وفصل محافظاته عن عدن فضلا عن إعادة المعركة إلى شبوة الغنية بالنفط بعد أن أجهضت العمالقة مخططهم في بيحان في يناير/كانون الثاني الماضي خلال عملية “إعصار الجنوب”.

وذكر مصدر محلي أن مليشيات الحوثي ما زالت ورغم الهدنة ووقف إطلاق النار تنصب المدافع الثقيلة في المرتفعات الغربية والجنوبية المطلة على جيشان من اتجاه البيضاء ولودر على بعد 5 كيلو مترات، ما يجعل أي هجوم تحت غطاء ناري مكثف.

وأوضح أن مليشيات الحوثي ورغم أنشطتها العسكرية والطائفية إلا أنها تفتقر للحاضنة الشعبية الكافية في جيشان، ما جعلها تلجأ لاستفزاز القبائل والمقاومة الجنوبية في المديرية من خلال اختراقات عبر محاولات التسلل والهجمات وأخيرا تشديد الحصار وقطع الطرقات.

وكان آخر اختراق حوثي مسلح مطلع الشهر الماضي بعد أن وصلت عناصر مسلحة للمليشيات الانقلابية إلى مركز مديرية جيشان عبر التسلل من حدودها الغربية مستغلة التهدئة الأممية، لكنها سرعان ما غادرت باتجاه مناطق خاضعة لسيطرتها في مديرية لودر، كما كثفت إطلاق الطائرات التجسسية ودعم خلايا الفوضى.

وفيما يبدو تحاول مليشيات الحوثي جس نبض رد القبائل في جيشان قبل أي هجوم عسكري بعد انتهاء الهدنة، وهو ما يستدعي المجلس الرئاسي رفع الجاهزية القتالية وفتح خطوط إمداد للمقاومة الجنوبية ولسكان المديرية وذلك جنبا إلى جنب مع مطاردة القاعدة في أبين، وفقا لمراقبين.

ويرون أن التحركات الحوثية تأتي ضمن مساعي المليشيات لفتح جبهات جديدة صوب المحافظات الجنوبية المحررة لتشتيت القوات الجنوبية وقوات العمالقة التي كان لها أكبر دور عسكري في الانتصارات الميدانية وتحرير المناطق جنوبا وشمالا.

أحدث رسالة للمجتمع الدولي

وبعيدا عن إرهاب تفجير الطرقات والمخططات العسكرية، فإن الحصار الحوثي على “جيشان” يعد وجها آخر من حصار المليشيات على مدينة تعز الذي فشل المجتمع الدولي في رفعه رغم أنه أحد بنود الهدنة.

ويعد حصار جيشان أحدث رسالة حوثية للمجتمع الدولي بأن المليشيات تمضي في استغلال ملف الطرقات والمعابر بموجب الهدنة بما يخدم أغراضها العسكرية والسياسية وأن أضفت على مخططاتها “عباءة” الإنسانية.

 وبعث أحد أهالي جيشان مناشدة للأمم المتحدة ضرورة وضع فتح الطرق للمديرية ضمن ملف المعابر والطرقات بموجب الهدنة لتخفيف المعاناة التي تثقل كاهل المواطنين.

كما حث مجلس القيادة الرئاسي على إنقاذ الأهالي واتخاذ إجراءات حاسمة تمنع الحوثي من استنساخ حصار تعز وصناعة بؤر معزولة تفاقم المآسي الإنسانية.

وبشكل متكرر، دعت الحكومة المعترف بها دوليا المجتمع الدولي إلى ضرورة فتح الحوثيين للطرقات لتخفيف المعاناة الإنسانية كان آخرها لقاء وزير الخارجية اليمني والسفير البريطاني لدى اليمن ولقاء رئيس البرلمان اليمني مع السفير الأمريكي لدى البلاد أمس الخميس.

وتصف الحكومة اليمنية رفض مليشيات الحوثي المدعومة إيرانيا فتح الطرق إلى تعز وبقية المحافظات بأنه “سلوك غير أخلاقي وسيؤدي إلى عرقلة عملية السلام في البلاد”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى