الخليج العربي

الإمارات تجني ثمار بناء مخزون استراتيجي من المنتجات في زمن الكورونا


انتشار وباء كورونا حول العالم، ولد تحديات عديدة لمختلف الدول، حتى العظمى منها، لعل أبرزها تأثر سلاسل الإمداد والتوريد.

هذا التحدي الذي سببه إغلاق الحدود والمطارات في الإقليم والعالم، خلق فرصة ثمينة لدولة الإمارات لتعزيز إنتاجها الزراعي وازدهار مزارعها، التي غطّت جزءاً مُهمّاً من الطلب المحلي في البلاد، والاستجابة الإماراتية لم تبدأ مع كورونا، في الواقع، بل هي مستمرة بشأن تطوير استراتيجيتها للأمن الغذائي منذ سنوات، لكن المؤكد أنّ جائحة كورونا عززت توطين قطاعات حيوية، ومنها المواد الغذائية.

وقالت وكالة رويترز للأنباء في تقرير لها إنه في الوقت الذي تعاني فيه الشركات والأنشطة التجارية في مختلف أنحاء العالم من وقف نشاطها بسبب جائحة فيروس كورونا، تتطلع مشروعات زراعية تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات لتحقيق نمو كبير مع إغداق الحكومة الإماراتية الأموال على هذا القطاع.

ومنذ سنوات تنفق الإمارات، التي تعتمد على الواردات بنسبة تتراوح بين 80 و90 في المئة في سد احتياجاتها الغذائية، مليارات الدولارات على الاستثمارات الزراعية خارج حدودها في إطار بحثها عن الأمن الغذائي، لكن في حين تتزايد الضغوط بسبب الفيروس سريع الانتشار على سلاسل الإمدادات الغذائية العالمية، وتهدد دول زراعية منتجة بفرض قيود على الصادرات، يأمل المنتجون المحليون في الإمارات في أن يتمكنوا من لعب دور أكبر.

ونقلت رويترز عن عمر الجندي الرئيس التنفيذي لشركة مزارع بادية للزراعة العمودية في دبي، قوله: المنتجات الزراعية المحلية مطلوبة الآن أكثر من قبل، في حين أنّ الواردات الغذائية تأثرت سلباً بإغلاق الحدود والمطارات، مضيفا: العالم كما نعرفه تغير إلى الأبد. من منظور كلي ستعود الحكومات إلى توطين بعض القطاعات الحيوية؛ مثل؛ الزراعة لضمان عدم اضطراب الإمدادات.

وتنتج مزارع بادية، التي يمكنها زراعة الفاكهة والخضراوات، ما بين 200 و250 كيلوغراماً من الخضراوات الورقية كل يوم.

وقال تقرير رويترز: في الماضي واجهت برامج موسعة لزيادة الإنتاج الغذائي في المنطقة صعوبات في التكيف مع المناخ الحار ونقص الموارد المائية. غير أنّ الثروة النفطية تجعل دول الخليج في وضع يؤهلها للمخاطرة باستخدام تكنولوجيات جديدة قادرة على تحقيق الاستفادة التجارية من المحاصيل؛ باستخدام كميات قليلة من المياه في البيئات القاسية.

وفي 2019، اعتمدت العاصمة الإماراتية، أبوظبي، سلسلة من الحزم التحفيزية قيمتها مليار درهم (272 مليون دولار) لدعم مشروعات التكنولوجيا الزراعية.

ونقلت رويترز عن ديفيد روزنبرج الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة إيروفارمز قوله في بعض أنحاء العالم يقول الناس أثبتْ ما تقول أولاً ثم تعال هنا، لكن العقلية في الإمارات أنني سأنجز ذلك أولاً وسأنجزه على نحو أكبر وأفضل.

وتعمل شركة إيروفارمز على إنشاء مركز أبحاث وتطوير على مساحة 8200 متر مربع في أبوظبي، يعد أكبر مزرعة عمودية داخلية من نوعه، وذلك للمساعدة في جلب الخضراوات والفاكهة الطازجة المنتجة في المزارع العمودية إلى الأسواق المحلية بأسعار معقولة، وأثبتت إيروفارمز أنّ المزارع العمودية الداخلية تقل فيها نسبة استخدام المياه بنسبة تصل إلى 95 في المئة لبعض المحاصيل.

وقال روزنبرج: في الولايات المتحدة استطعنا خفض تكاليفنا إلى حد البيع بأسعار المزارعين في الحقول في فئة المنتجات العضوية؛ أي بزيادة تبلغ حوالي 20 في المئة، وهذا اختبار طيب وهذا هدفنا هنا (في الإمارات) وأعتقد أنّ بإمكاننا تحقيقه.

ولفتت رويترز إلى أنه في دول كثيرة في العالم تسببت قرارات العزل العام بسبب انتشار كورونا في نقص حادّ في الأيدي العاملة بالمزارع، الأمر الذي قد يؤدي إلى ترك ملايين الأطنان من الفاكهة والخضراوات دون حصاد هذا العام.

وأنتجت أبوظبي 122550 طناً من الخضراوات في موسم 2018-2019 وفقاً لما ذكرته وسائل إعلام رسمية.

ومكتب أبوظبي للاستثمار مستعد للمراهنة على التكنولوجيا الجديدة؛ في وقت غيرت فيه جائحة فيروس كورونا الكيفية التي تعمل بها المؤسسات، بسبب تدابير الاحتواء العالمية، بما في ذلك العزل العام، بحسب رويترز، التي أضافت أنّ برنامج أبوظبي يأمل في إيجاد مركز للابتكار الزراعي يجتذب الشركات ذات التوجه المماثل.

وفي إجابته عن سؤال هل ستفلح كل تكنولوجيا؟، قال طارق بن هندي، المدير العام لمكتب أبوظبي للاستثمار: ربما لا؛ لكن هذه الأمور تستفيد من بعضها بعضاً، وأضاف: (عندما) تنظر إلى التجارب التي نمر بها كلنا اليوم في هذه الإغلاقات، فإنّ الشيء الوحيد المسلط عليه الضوء هو الحاجة لمزيد من التكنولوجيا.

وكانت دراسة نشرها في مارس 2020 مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية في السعودية بالتعاون مع هيئة البيئة في إمارة أبوظبي وهيئة الرقابة الغذائية في الإمارة، أشارت إلى أنّ استخدام مياه أكثر تقييداً في القطاعات الزراعية في أبو ظبي من شأنه أن يُطيل عمر المياه الجوفية في أبوظبي من 22 عاماً مقبلة إلى ألف عام تقريباً، فضلاً عن نمط الاستهلاك الرشيد المستدام للمياه الجوفية في أبوظبي سيقلل الحاجة إلى تحلية المياه، التي تستهلك موارد ضخمة، كما سيؤدي إلى منافع بيئية واقتصادية واجتماعية مشتركة.

وفي تقرير نشرته وكالة أنباء الإمارات وام أمس تمّت الإشارة إلى أنّ الخطوات الأخيرة التي اتخذها مجلس الإمارات للأمن الغذائي أسهمت في تعزيز المخزون الوطني من الإمدادات الغذائية والصحية، مشدداً على أنّ صدور قانون المخزون الإستراتيجي للسلع الغذائية في دولة الإمارات مؤخراً يعد خطـوة ذات بعـد إسـتراتيجي لتعزيـز منظومـة الأمن الغذائـي فـي دولـة الإمارات تسهم في رفـع اكتفـاء الدولـة مـن احتياطـي السـلع الغذائيـة الرئيسـية فـي مختلـف الظـروف، بمـا فيهـا حالات الأزمات والطـوارئ والكـوارث.

يُذكر أنّ دولة الإمارات تبنت منذ أكثر من عشرة أعوام إستراتيجية تقضي بضرورة تكوين مخزون إستراتيجي من السلع، وأن يكون للشركات المحلية دور كبير في توفير هذا المخزون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى