أهم ما فى كتاب السفير عبد الرحمن صلاح أنه ينعش ذاكرة القارئ حتى لا ينسى ماذا حدث بيننا وبين الأتراك، على مدى ثلاثة أعوام ونصف العام، قضاها الرجل سفيراً لمصر فى تركيا!
هذه الفترة تشمل السنة الأخيرة من حكم مبارك، والفترة التى حكم فيها المجلس العسكرى، ثم العام الذى قفز فيه الإخوان على السلطة، وبعدها جاء المستشار عدلى منصور رئيساً مؤقتاً!
الكتاب صدر عن دار نهضة مصر تحت هذا العنوان: كنت سفيراً لدى السلطان!.. وهو عنوان أتحفظ عليه قليلاً رغم جاذبيته، وسبب التحفظ من جانبى أنه يعطى أردوغان أكثر مما يستحق، ويضعه فى مقام السلطان السابع والثلاثين من سلاطين الدولة العثمانية.. فهو أقل بالتأكيد!
والسفير عبد الرحمن لم يكن سفيراً لنا فى أنقرة وفقط، ولكنه كان آخر السفراء، لأن العلاقات الدبلوماسية نزلت بين البلدين بعد عودته فى نوفمبر ٢٠١٣ من مستوى سفير إلى مستوى قائم بأعمال!.. وهذا ما يعطى كتابه أهميته الخاصة!
وسوف ترى فى الكتاب وأنت تنعش ذاكرتك بما فيه، أن الجماعة الإخوانية الغبية لم تسقط لأنها أساءت إدارة أمور البلد.. فحكومات كثيرة سابقة عليها أساءت الإدارة، غير أن المصريين صبروا عليها.. ولكنها سقطت لأنها عجزت عن رؤية مصر كما يجب، ولأنها قدمت صالح الجماعة على مصالح البلد، ولأنها لم تدرك أن هذا البلد أكبر من أن تبتلعه جماعة!
فى الكتاب أكثر من دليل، ولكن واحداً منها أن عصام الحداد، مستشار محمد مرسى للشؤون الخارجية، طار فى ٢٠١٢ إلى إسطنبول للقاء رسمى مع أردوغان، فطلب عدم حضور سفيرنا فى أثناء اللقاء، وكذلك رفض أن ترافقه السفيرة وفاء الحديدى، قنصلنا العام فى تركيا، من المطار إلى مكان لقائه مع رئيس وزراء تركيا!.. فكأن اللقاء كان يخص الجماعة التى بالطبع لا يمثلها السفير ولا القنصل العام، ولا يخص مصر التى يمثلها السفير والقنصل العام على وجه اليقين!
هذا كتاب يوثق ما جرى ذات يوم، ويرصد وقائع ومحاولات إلحاق القاهرة تابعاً لأنقرة، ويضع مصر حيث يتعين أن توضع أمام تركيا رأساً برأس!
* نقلا عن “المصري اليوم”