اخترنا لكم

هل ضلت أمريكا الطريق في رحلة التضخم؟


كلّما سارت أمريكا تبعتها سائر البلدان، فهي تملك المارد الأخضر “الدولار”، الذي يتحكم في حركة التجارة الدولية بأسرها.

ومع ظهور شبح التضخم، الذي يؤرق اقتصادات العالم أجمع، وعلى رأسها اقتصاد الولايات المتحدة، تضاعف الحمل على كاهل جيروم باول، رئيس الفيدرالي الأمريكي، والذي يراه ساسة “البيت الأبيض” أنه “رجل المهام الصعبة”، ورغم أن سياسته في مواجهة تداعيات كورونا لاقت استحسانًا من إدارة جو بايدن، فإن الخبراء كان لهم رأي آخر.

وقبل أن أعرض آراء الخبراء، يجب أن نسأل: ما التضخم؟ وكيف تتأثر الأسواق برفع الفائدة؟

ببساطة، التضخم هو مؤشر لقياس قيمة العملة المحلية مقابل قيمة السلعة أو الخدمة، ويشار إليه بمؤشر أسعار المستهلكين، وكلما ارتفع التضخم، انخفضت قيمة العملة.

أما تأثير رفع الفائدة في الأسواق، فكلما ارتفع سعر الفائدة زاد الإقبال على الادخار في البنوك للاستفادة من الفائدة المرتفعة، وتراجع الائتمان لتجنب أعباء الدين الكبيرة، ويترتب على ذلك نقص السيولة في الأسواق، وانخفاض الطلب، وتراجع الاستثمار، وارتفاع معدلات البطالة.

“متأخر جدًّا.. ولا ينبغي أن تطرف له عين”.. هكذا يقول محمد العريان، كبير المستشارين الاقتصاديين لشركة “أليانز”، عن “الفيدرالي الأمريكي” ورئيسه، مضيفًا أن تحركات “الفيدرالي” يجب أن تنظر إلى تحدييْن: إعادة جنّي التضخم إلى القمقم، وكذلك عدم خلق ضرر كبير للنمو الاقتصادي وعدم المساواة.

وقدّم “العريان” نصيحة إلى جيروم باول قائلا: “لا ينبغي أن تطرف له عين وهو يعالج التضخم المرتفع”، الذي سجل 8.5% خلال شهر يوليو/تموز الماضي، بعد أن زاد بنسبة 9.1% في يونيو/حزيران، وكان 8.6% خلال مايو/أيار الماضي.

وفي السياق نفسه، يقول “جوزيف ستيجليتز”، الاقتصادي الحائز على جائزة “نوبل”، في أثناء لقاء له بألمانيا خلال أغسطس/آب الجاري، إن رفع معدلات الفائدة لا يحل المشكلات المتعلقة بجانب العرض، ولكنه قد يزيد الأمور سوءًا، لأن الأمر الصحيح الواجب فعْله الآن هو الاستثمار أكثر في حل معوقات جانب العرض.

وأضاف أن النماذج الاقتصادية الأساسية تشير إلى أن رفع أسعار الفائدة يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التضخم.

وأكد رفائيل بوستيك، عضو الفيدرالي الأمريكي، أن الطريق لا يزال طويلًا أمام “الفيدرالي” والتضخم.

وقال “رفائيل” إن الجيد في الأمر أن الاقتصاد يتجاوب مع السياسة النقدية التشددية ورفع أسعار الفائدة، لكن الطريق لا يزال طويلًا، ولا يزال أمامنا الكثير قبل أن نقول إننا نجحنا في السيطرة على التضخم.

وجدّد “بوستيك” الحديث عن أسعار الفائدة، قائلًا إن حدود الفائدة التشددية بين 3.5% و3.75%، وإنه يأمل أن ينتهي العام وأسعار الفائدة في هذا النطاق.

كان “الفيدرالي الأمريكي” رفع أسعار الفائدة لأول مرة في نحو 4 سنوات خلال مارس/آذار الماضي بنسبة 0.25%، وبنسبة 0.5% في اجتماع مايو/أيار، ثم بنسبة 0.75% في يونيو/حزيران، وهي أعلى نسبة رفع منذ عام 1994، والمرة الرابعة في يوليو/تموز بنسبة 0.75%، ومن المتوقع أن يرفع سعر الفائدة خلال اجتماع السياسة النقدية في 20-21 سبتمبر/أيلول المقبل.

ومع الزيادات المطردة في أسعار الفائدة، وإعلان “باول” أثناء كلمته في “جاكسون هول” بولاية وايومنج، إصراره على اتباع سياسة التشديد النقدي، وأن هذه الإجراءات ستسبب “بعض الألم” للأسر والشركات، على حد قوله، نتساءل: هل ضلّت الولايات المتحدة قائدة العالم طريقها في رحلة التضخم أم أن نظرة الخبراء ليست ثاقبة بصورة كافية؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى