الحوثي يخرج بخطاب معد مسبقا خوفا من الخروج عن الرؤية الإيرانية
خرج زعيم المليشيات الإرهابية باليمن عبدالملك الحوثي بخطاب عبر شاشة تلفزيونية ليحبط آمال الكثير من المراقبين للشأن اليمني الذين انتظروا الخطاب باعتباره الأول بعد انهيار الهدنة في 2 أكتوبر الجاري. لكنه لم يقدم موقفا جديدا يمكن البناء عليه، غير أنه أكد استلاب إيران قراره وأنه لا يعدو عن كونه بوقا مهمته لا تتخطى إلقاء الخطابات.
هذا الاستلاب فضحته مخاوف الحوثي من تبني أي موقف خارج الرؤية الإيرانية التي تربط الملف اليمني بمصالح طهران الخاصة، فاختار الظهور في خطاب أعد مسبقا متخليا عن أسلوب الارتجال وهي حالات نادرة له بحسب مراقبين.
تصعيد إيراني في اليمن
مواقف مليشيات الحوثي من الهدنة المتصلبة، فسرها مراقبون يمنيون على أنها إيعاز إيراني يستهدف التصعيد في المنطقة. في محاولة لتخفيف ضغوط الاحتجاجات الشعبية التي تضرب عدة مدن إيرانية والتي تنظر إليها طهران أنه ضغط داخلي مدعوم من الإقليم والغرب.
ويرى المراقبون أن شتات الموقف الحوثي بعد الهدنة التي انهارت بسبب رفع سقف اشتراطاته إلى وجود مفاوضات غير معلنة بين واشنطن وإيران، بالتالي انتظار نتائجها والتي أظهرت الحوثي مجددا أنه مسلوب القرار.
رسالتان
خلال خطابه يوم السبت، بمناسبة “المولد النبوي“، الذي حوله الانقلابيون إلى مناسبة سياسية بامتياز تستهدف الترويج لمشروعهم الطائفي وتقديمهم أنهم من سلالة مقدسة تتحدر من “آل البيت“. وجه زعيم مليشيات الحوثي رسالتين تتمثل الأولى بدعوة لتحالف دعم الشرعية باليمن لإنهاء الحرب الذي فجرها انقلابه الغاشم وكذا ما أسماه “الحصار وملفات الحرب فيما يتعلق بالأسرى والأضرار” وهي رسالة يكررها المتمردون منذ 2016 بإيعاز إيراني.
أما الرسالة الثانية فوجهها لميليشياته القتالية وطالبها بمواصلة الحرب والتصدي للشرعية وذهب لإضفاء لها طابعا دينيا بوصفها “جهاد مقدس” يجب تنفيذه ليكون لهم ما أسماه “العاقبة للمتقين“.
اعتراف
خرج الرجل للاعتراف بوجود “انفلات وفوضى” لكنه لم يحمل مليشياته التي تحكم مناطق سيطرتها بالحديد والنار وذهب لاتهام ما وصفهم بـالأعداء. في موقف يكشف تنقاض الرجل وأنه بالفعل معزول بعيدا عن الواقع.
وحذر عناصره من “عدم استشعار عواقب أعمالهم لأن ذلك يهدف إلى إفسادهم ونشر الفوضى والانفلات كوسيلة للسيطرة عليهم“. وهو بذلك يبرأ مليشياته من أعمال العنف والفوضى والانفلات الأمني التي تضرب مناطق سيطرته. كما يستهدف خلق مبرر للمليشيات لاستخدام القمع والقوة لإخماد أي غليان شعبي رفضا للتجويع وللمطالبة بالرواتب والخدمات المعيشية بحجة أنها “فوضى“.
خطاب بإملاءات إيرانية
اعتبر مراقبون يمنيون أن خطاب الحوثي لم يقدم أي موقف سياسي رغم احتكاره لقرار الجماعة الإرهابية بشأن جهود السلام، وأن ذلك يأتي جزء من موقف طهران التي لازالت تناور العالم وترهن الملف اليمني بمصالحها الداخلية والخارجية.
وفي هذا السياق، قال الناشط السياسي في حزب المؤتمر الشعبي العام رشاد الصوفي فإن زعيم المليشيات لم يخرج بموقف صريح من الهدنة كما كان يتوقع الكثيرون لأن طهران لم تبلور بعد موقفا حيال الملف اليمني الذي تستثمره كورقة لابتزاز المجتمع الدولي والإقليم .مضيفا أن الحوثي مرتهن قراراته ومواقفه هو ومليشياته لإيران وقد يأتي الموقف الجديد من زعيم حزب الله اللبناني الذي أعلن قبل أسابيع أنه شريك للحوثيين في القرار فيما يخص ملف الحرب والسلام .
وأكد الصوفي أن المليشيات الحوثية مجرد عصى تهش بها طهران على مصالحها بعيدا عن مصالح اليمنيين وحياتهم وظروف معيشتهم التي تضررت من الحرب الدائرة منذ 8 أعوام وفجرتها مليشيات الحوثي بانقلابها المشؤوم. مشيرا إلى أن الاستعراض الحوثي بجلب المدنيين إلى الساحات بالقوة والترهيب هو محاولة لتأكيد المليشيات قبضتها الإرهابية على السكان بمناطق سيطرتها في الوقت الذي تغلي فيه مدن إيرانية ضد النظام.
وقال إنه متى ما كان هناك موقف إيراني جديد من ملف اليمن سيظهر زعيم المليشيات الحوثية ليعلن هذا الموقف، باعتباره قرارا مستقلا يعبر عن موقف المليشيات بينما هو موقف إيراني وصل إليه كما هو حال كل المواقف السابقة التي تصله من طهران وجنوب لبنان.
من جهته، قال المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات ماجد المذحجي إن هناك تفسيرين لتعثر تمديد الهدنة، أحدهما أن الحوثيين وجدوا فرصة في التنازلات التي قُدمت لهم من المجتمع الدولي بسبب الحاجة الملحة للهدنة لذلك رفعوا سقف مطالبهم عاليا.
وأكد المذحجي أن مليشيات الحوثي لن تتجه إلى التهدئة مؤخرًا وبالتالي لن تعود إلى مربع التسوية السياسية لكن هذا لا يعني أنها ستتجه مباشرة إلى التصعيد العسكري، سيظل الوضع عالقًا في مرحلة بين عدم القبول باتفاق تسوية سياسية وعدم الذهاب في تصعيد عسكري.