حصري

السيناريو الأخير للإخوان في الأردن


في ظل التصاعد المستمر لأزمات جماعة الإخوان الإرهابية الداخلية منذ سنوات، وذلك بعد منح ترخيص لمجموعة من المنشقين لتأسيس جمعية الإخوان لتكون بديلة عن الجماعة الأم التي فقدت شرعيتها لوجود مخالفات قانونية في تأسيسها عام 1948.

تداعي التنظيم

حيث بدأت الأزمات بعد تأييد القضاء الأردني لحل الجماعة، وفي محاولة منها لمواجهة قرارات الحكومة. قرر التنظيم الإرهابي انتهاج أسلوب المقاطعة كنوع من الاحتجاج. لتعود وتعلن مشاركتها في الانتخابات من خلال حزب جبهة العمل، الذراع المرخص لها.

وأتى الرد القاسي من الشعب الأردني برفضهم لترشح الإخوان وخسر التنظيم معظم مقاعده التي حققها في الانتخابات السابقة، بعدما فاز بـ 8 مقاعد حرمته من تشكيل كتلة برلمانية.

وفق النظام الداخلي لمجلس النواب، كما فقد تنظيم الإخوان السيطرة على النقابات المهنية في ظل تعقب القضاء وكشفه العديد من المخالفات المالية والإدارية في العديد من النقابات التي كانت تسيطر عليها جماعة الإخوان.

وقد ذكرت دراسة حديثة أن المملكة الأردنية الهاشمية عملت على مدار السنوات الماضية على اتّباع إستراتيجية الاحتواء في التعامل مع جماعة الإخوان تحت مظلة ذراعها السياسي حزب جبهة العمل الإسلامي منذ تدشينه في أربعينيات القرن الماضي. إلا أن محاولات تلك الجماعة لإحكام سيطرتها على أجهزة صنع القرار بالأردن ساهمت في تغير نهج المملكة إزاءها عبر القيام باتخاذ القرارات التي ساهمت في تقويض العلاقة بين الإخوان والنظام السياسي الحاكم. وتراجع تأثيرهم في المجالس النيابية والبرلمانية، وفقدانهم السيطرة على النقابات المهنية علاوة على تضييق الخناق على نشر الفكر الإخواني، واتساع حدة الانشقاقات داخل صفوف الجماعة جراء تباين مواقفهم حول مستقبل الجماعة في ظل التطورات الداخلية والخارجية.

ضربات متتالية

أكدت الدراسة أن دور تنظيم الإخوان في الأردن تراجع بشكل ملحوظ وخاصة على الساحة السياسية جراء قرار النظام الأردني تبني “سياسة القبضة الناعمة” لمحاولة تفكيك الجماعة وإضعاف تأثيرها في البلاد، ولهذا أصدرت محكمة أردنية في يوليو 2020 قراراً يقضي بحل جماعة الإخوان بشكل نهائي، لعدم قيامها بتصويب أوضاعها القانونية، وهو ما جعلها تفقد شخصيتها القانونية والاعتبارية، الأمر الذي شكل ضربة قاصمة للجماعة. 

وأصدرت لجنة الأحزاب التابعة لوزارة التنمية السياسية في فبراير 2021، ، توصية بحل حزب الشراكة والإنقاذ القريب من الإخوان ويرأسه المراقب العام السابق للجماعة الشيخ سالم الفلاحات. وفي 26 يونيو 2022، أيّدت محكمة أردنية قراراً يقضي بحل مجلس نقابة المعلمين الإخوانية.

وفي 17 يوليو 2022، أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية بالأردن إغلاق 30 مركزاً لتحفيظ القرآن الكريم بشكل جزئي ومؤقت لارتكابهم بعض المخالفات المالية والإدارية، وهذه المراكز تابعة لـ”جمعية المحافظة على القرآن الكريم” التي تقع تحت سيطرة الإخوان.

الملجأ الأخير

تقول الباحثة والكاتبة نورا بنداري، المختصة بالشؤون العربية، بعد القرارات القضائية التي قضت بحل جماعة الإخوان وما أعقبها من خسائر جمة. عادت الانشقاقات لتضرب هيكل الجماعة من جديد. وهذا بإعلان نائبتين من صفوف “كتلة الإصلاح الإخوانية” في ديسمبر 2020. انسحابهما من عضوية الكتلة بعد فوزهما بمقعدين عن مدينتَي العقبة والكرك جنوب المملكة، الأمر الذي أعاق فرصة الإخوان لتشكيل تحالف ذي تأثير قوي لمواجهة الحكومة.

مضيفة أن قرارات الحكومة الأردنية التي سبق ذكرها ساهمت بشكل واضح في تضييق الخناق السياسي والمالي على الإخوان، وهو ما دفع عناصر الجماعة للتوجه إلى الملجأ الأخير لديهم في تركيا للحصول على تسهيلات لوجيستية بعد أن أبرم قادة إخوان الأردن اتفاقيات مع “حزب العدالة والتنمية” الحاكم في تركيا، تم بموجبها السماح للإخوان بالاستثمار في مختلف المجالات بالأراضي التركية.

ولفتت أن خسارة إخوان الأردن للانتخابات النيابية ومقاطعتهم للانتخابات المحلية، تكشف عن افتقادهم للحاضنة الشعبية. بعدما كانت في الماضي تعتمد عليها للترويج لأنشطتها الدعائية المختلفة، وهو ما أدى إلى تراجُع حضور الجماعة في الشارع الأردني. وانكشاف مخططها الهادف للسيطرة على الحكم بأي طريقة كانت.

وتأكد قطاع من الأردنيين أن قيادات الجماعة يولون الاهتمام الأكبر للقضايا الخارجية خاصة في فلسطين وسوريا والعراق وأيضاً مصر بعد خسارة الإخوان للحكم على حساب القضايا الداخلية الأردنية، وكل تلك العوامل مجتمعة تفسر تراجُع ثقة الأردنيين في هذه الجماعة. وغياب الغطاء المجتمعي الذي كانت تعتمد عليه الجماعة في الماضي لمواجهة ضغوط النظام الحاكم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى