إيران

إيران تتحرك دبلوماسيًا لاحتواء خسائرها في سوريا


تحاول إيران التعامل مع خسارتها الكبيرة في سوريا مع سقوط أبرز حليف لها في الشرق الأوسط الرئيس السابق بشار الأسد وإعلان استعدادها لمد اليد للشعب السوري الذي يرفض وجودها في بلاده، في الوقت الذي تواصل فيه اسرائيل استهداف مصالحها ومخازن أسلحتها في سوريا في ضربات متتالية.

وفي أول تعليق رسمي لإيران بعد سقوط الأسد، دعت طهران إلى إنهاء الصراعات العسكرية والبدء بحوار وطني بمشاركة الجميع. وقال بيان للخارجية الإيرانية، الأحد، إن طهران تدعو إلى “إنهاء الصراعات العسكرية على الفور ومنع الأعمال الإرهابية وبدء حوار وطني بمشاركة جميع فئات المجتمع السوري”، مضيفة أنها “لن تدخر جهدا في المساعدة على إرساء الأمن والاستقرار في سوريا”، وأنها “ستواصل مشاوراتها مع كافة الأطراف المؤثرة وخاصة في المنطقة.”

وقالت طهران، التي كانت حليفة الأسد في قمع شعبه على مدى سنوات، إنها مستمرة في دعم الآليات الدولية وخاصة قرار مجلس الأمن 2254 لمواصلة العملية السياسية في سوريا. وتوقعت أن تستمر “العلاقات الطويلة الأمد والودية بين الشعبين الإيراني والسوري على أساس اتباع نهج حكيم وبعيد النظر من البلدين”.

واعتبرت أن مستقبل سوريا والقرارات بشأن مصيرها يقع على عاتق الشعب السوري وحده، وأنها “تحترم وحدة سوريا وسيادتها الوطنية”.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات على دعم الأسد في الحرب الأهلية التي اندلعت في عام 2011، ونشرت حرسها الثوري في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة حفاظا على “محور المقاومة” الإيراني في مواجهة إسرائيل ونفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وساهمت الميليشيات المدعومة من إيران في إنقاذ الأسد من الانتفاضة التي كادت تسقط حكمه منذ نحو 10 سنوات.

وأعلن مقاتلو المعارضة السورية الإطاحة بالأسد بعدما سيطروا على دمشق الأحد، مما أنهى حكم عائلته للبلاد بقبضة من حديد بعد حرب أهلية دامت أكثر من 13 عاما.

من جهته، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن سقوط الأسد هو “يوم تاريخي في الشرق الأوسط” مرحبا بانفراط “الحلقة المركزية في محور الشر” بقيادة إيران.

وقال نتانياهو في زيارة له لمرتفعات الجولان “هذه نتيجة مباشرة للضربات التي وجهناها إلى إيران وحزب الله، الداعمين الرئيسيين” للرئيس السوري. وأضاف “أدى هذا إلى خلق سلسلة من ردود الفعل في جميع أنحاء الشرق الأوسط لجميع أولئك الذين يريدون التحرر من نظام القمع والطغيان هذا”.

وبحسب رئيس الوزراء فإن إطاحة الرئيس السوري “تقدم فرصا جديدة مهمة” لإسرائيل “لكنها ليست خالية من المخاطر”. وأضاف “سنراقب التطورات عن كثب ونتخذ الخطوات اللازمة للدفاع عن حدودنا وأمننا”.

وأكد أنه أعطى أوامر للجيش بالسيطرة على المنطقة العازلة المنزوعة السلاح على الحدود مع سوريا.

واحتلت إسرائيل القسم الأكبر من مرتفعات الجولان خلال حرب العام 1967 ثم ضمتها لاحقا في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.

ومنذ العام 1974، تقوم قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المعروفة باسم “يوندوف” بدوريات في منطقة عازلة بين المنطقتين الخاضعتين للسيطرة الإسرائيلية والسورية.

من جانبه، قال وزير الدفاع يسرائيل كاتس الذي رافق نتانياهو إن “مخالبها (إيران) تُقطع واحدة تلو الأخرى”.

وتعرّضت السفارة الإيرانية في سوريا لتخريب ونهب بعد دخول فصائل المعارضة إلى دمشق الأحد، وشاهد المصوّر مكاتب السفارة وقد تعرضت للتخريب، حيث انتشر الزجاج المتكسر في المبنى الواقع في منطقة المزة حيث سفارات أخرى ومكاتب الأمم المتحدة، بينما وقفت في محيطها شاحنات ممتلئة بمقتنيات مسروقة.

وفتحت خزائن الملفات والأدراج، بينما تناثرت الأوراق والملفات ومحتويات أخرى، بما في ذلك أعلام إيرانية وسورية، في أنحاء المكان.

وشاهد المراسل خزنة في وسط إحدى الغرف التي امتلأت بصور محطمة، من بينها لمؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام الخميني والمرشد الأعلى الحالي آية الله علي خامنئي.

وعلى الأرض كذلك، صورة ممزقة للأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله الذي قُتل في غارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت في أيلول/سبتمبر، وصورة للقائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني الذي قُتل بغارة أميركية في بغداد في كانون الثاني/يناير 2020.

وخارج السفارة، كانت بعض الشاحنات متوقفة، بينما عمل بعض الأشخاص على تحميلها بمقتنيات سرقت من المبنى.

وكان التلفزيون الرسمي الإيراني أفاد في وقت سابق “هاجم مجهولون السفارة الإيرانية”، مرفقا تقرير بلقطات بثتها قنوات أجنبية مختلفة.

من جهتها، نقلت صحيفة “طهران تايمز” عن الناطق باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي قوله إن “الدبلوماسيين الإيرانيين في السفارة في دمشق أخلوا المبنى قبل الهجوم”.

وقال بقائي في وقت لاحق إنّه تمّ اتخاذ “الإجراءات اللازمة” لضمان أمن الدبلوماسيين. وأشار في بيان إلى أنّ “السفير والموظفون في صحة ممتازة”.

ويعود آخر لقاء علني بين الأسد ومسؤول إيراني الى الأول من كانون الأول/ديسمبر عندما زار وزير الخارجية عباس عراقجي دمشق. وفي اليوم التالي، أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في مكالمة هاتفية مع الأسد دعم بلاده له.

أما الأسد فقد زار إيران عشر مرات منذ أصبح رئيسا لسوريا في العام 2000. وتعود زيارته الأخيرة إلى أيار/مايو 2024، بعد مقتل الرئيس السابق إبراهيم رئيسي في تحطم مروحيته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى